إذا المال لم ينفعْكَ إلا تخزنُهُ ... فبَرُّ بلادِ الله مالُكِ والبحرُ
أنت للمال إذا أمسكتَهُ ... وإذا أنفقتَه فالمالُ لكْ
وأنت كمثلِ الجوز تُمْنَعُ أكلَه ... صحيحًا وتعطي أكلَه حينُ يُكْسرَ
ومن يحتفر في الشر بئرًا لغيرِهِ ... يَبِتْ وهو فيها لا محَالَهَ واقعُ
وأدركُه حالاتِه فخذلتُهُ ... ألا إن عِرقَ السوء لا بدَّ مدرْكُ
وإنَّ كبيرَ القوم لا عِلْمَ عندَه ... صغيرٌ إذا التفتْ عليه المحافلُ *
عيُّ الشريفِ يشينُ منصبَه ... وترى الوضيعَ يزيْنُهُ أدبُهْ
إذا الشافعُ استقصى لك الجهدَّ كلَّه ... وإن لم تنلْ بِحِجَا فقد وجب الشكرُ
وعلىَّ أن أسعى وليس علـ ... ـيَّ إدراكُ النجاحِ
وأنت امرؤ منَّا خُلِقْتَ لغيرنا ... حياتُكَ لا نفعٌ وموتُكَ فاجعُ *
لا ألفيتُك بعد الموت تندبني ... وفي حياتي ما زوَّدتني زادي*
فلا تعتذر بالشُّغل عنَّا فإنما ... تُناطُ بك الآمالُ ما اتَّصل الشُّغْلُ
ولا أكون كمن ألقى رِحَالتَهُ ... على الحمارِ وخلَّى صهوةَ الفَرَسِ
وإنَّ مقيماتٍ بُمنْعَرَجِ اللِّوي ... لا قربَ من ليلى وهاتيكَ دارُها
كالعيسِ في البيداء يتلِفُها الظما ... والماء فوقَ ظهورِهِا محمولُ*
أرى ماءً وبي عطشٌ شديدٌ ... ولكنْ لا سبيلَ إلى الورودِ *
عسى الهمُّ الذي أمسيتَ فيه ... يكونُ وراءه فرجٌ قريبُ [٦أ]
ربما تكره النفوسُ من الأمرِ ... له فُرْجَةٌ كَحَلٌ العِقَالِ *
فما بالُنا أمْسى أسدُ العرين ... وما بالُنا اليومَ شاءَ النجفُ
هل يستطيعُ جحودَ ذنبٍ قد مضى ... رجلٌ جوارحُهُ عليه شهودُ
إنَّ عَمْرًا يكون آخرَه الموتُ ... سواءٌ طويلُه والقصيرُ
قليلُ حياة المرء مثلُ كثيرِها ... يزولُ وباقي عيشِه مثلُ ذاهبِ *
ومَنْ جهلتْ نفسه قَدْرَهُ ... رأى غيرُهُ منه ما لا يَرَى