للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يزداد من القلب نسيانُكُم ... وتأتي الطّّباعُ على الناقلِ

وأصعبُ مفعولٍ فعلتَ تغيَّرا ... تُكَلَّفُ شيئًا في طباعكَ ضِدَّهُ

فما يديمُ سرورًا ما سررتَ به ... ولا يُرَدُّ عليك الفائتَ الحزْنُ

إن كان سمَّاكَ شمسًا من ضلالته .... فالخنفساء تسمِّي بنتَها القمرا

إذا عبت قومًا بالذي فيك مثلُهُ ... وكيف يُعيبُ العُوْرَ مَنْ هو أعورُ

اذْكُرْ محاسنَ ما فيهم إذا ذكروا ... ولا تُعِبْ أحدًا منهم بما فيكا

أزمعتُ يأسًا مبينًا من نوالِكُمُ ... ولن ترى طاردًا للحرِّ كاليأسِ

فقد صِرْتَ أُذُنًا للوشاةِ سمعيةً ... ينالون من عِرضي ولولاكَ ما نالوا

وقاهم جدُّهم ببني أبيهم ... وبالأشقينَ ما حلَّ العقابُ

قد كان في الموت له راحةٌ ... والموتُ ختم في رقابِ العبادِ

شقِيتْ بنو أسدٍ بشعر مساورٍ ... إنَّ الشقيَّ بكل حَبْلٍ يُخْنَقُ

إنَّ الشقيَّ بالشقاء مولعٌ ... لا يملكُ الردَّ له إذا أتى

تعلِّلُني بالموتِ والموتُ دونَه ... إذا متُّ عطشانًا فلا نزلَ القطرُ

نحلتْ له نفسي النصيحةَ إنه ... عند الشدائدِ تذهبُ الأحقادُ

تهوى حياتي وأهوى موتَها أنفًا ... والموتُ أكرمُ نوَّالِ على الجُرْمِ

ولله سرٌّ في علاكَ وإنما ... كلام العدى ضرب من الهذيان

إذا أنت أعْطِيت السعادة لم تَبَلْ ... ولو نظرتْ شَرَرًا إليك القبائلُ *

وقد يتزيَّا بالهوى غيرُ أهلهِ ... ويستعجبُ الإنسانُ مَنْ لا يلائمهْ

لا بأس بالقومِ من طول ومن قِصَرٍ ... جسمُ البغالِ وأحلامُ العصافيرِ [٧أ]

وما ذاك بخلا بالسيوفِ وبالقَنَا ... ولكنَّ صَدْمَ الشرِّ بالشرِّ أحْزَمُ

عرفتَ الشرَّ لا للشرِّ لكن لتوقيهِ ... ومن لا يعرفُ الخيرَ من الشرِّ يقع فيه ما*

وإنما يبلُغ الإنسانُ طاقتَهُ ... كل ماشيةٍ بالرجل شِملالُ

ستبدي لك الأيامُ ما كنت جاهلاً ... ويأتيك بالأخبار من لم تُزَوِّدِ

وإنَّ ابنَ عمِّ المرْ فاعلم جناحُهُ ... وهل ينهضُ البازي بغير جناحِ

لعلَّ عَتْبَكَ محمودٌ عواقُبهُ ... وربما صحَّ الأجسام بالعلِلِ

والهجْرُ أقْتَلُ لي مما أراقبهُ ... أنا الغريقُ فما خوفي من البَللِ

فرشتُ منك بغيرِ ما أمَّلْتُهُ ... والمرءُ يِشْرَقُ بالزُّلال الباردِ

أنكرتُ طارقهَ الحوادثِ مرَّةً ... حتى اعترفتُ بها فصارتْ ديدنَا

وزادني كَلَفًا بالحبِّ أنْ مَنَعَتْ ... وحُبُّ شيء إلى الإنسان ما مُنِعَا

وبيننا لو رعيتُم ذاك معرفةٌ ... إنَّ المعارفَ في أهل النُّهى ذِمَمُ

وأُغَبطُ من ليلى بما لا أناله ... ألاَّ كلُّ ما قرَّتْ به العينُ صالحُ

أعاتبُ نفسي إن تبسمتُ خاليًا ... وقد يضحكُ الموتورُ وهو حزينُ

وفي الشك تفريطٌ وفي الحزم قوةٌ ... ويخطي الفتى في حدسه ويصيبُ

يجود بالنفسِ إنْ حنَّ الجبان بها ... والجودُ بالنفس أقصى غايةِ الجودِ

سيذكرني قومي إذا ضنَّ جِدُّهم ... وفي الليلة الظلماء يفتقدُ البدرُ (١)

لا تعجبنَّ لخير زلَّ عن يدهِ ... فالكوكبُ النحس يسقي الأرضَ أحيانًا

ومن مذهبي حبُّ الديارُ وأهلِها ... وللناسِ فيما يعشقون مذاهبُ

إني أرى فتنةً تغلي مراجلها ... والملكُ تعداني لعلى لِمَنْ غلبَا

وغيظي على الأيام كالنار في الحشا ... ولكنه غيظُ الأسيرُ على القَدِّ

أمِنَ المنونِ ورَيْبِها تتوجَّعُ ... والدهرُ ليس بمعتبٍ مَنْ يجزعُ

ولاتك فيها مفرطًا أو مفرطًا ... كلا طرَفَيْ قصدُ الأمورِ ذِمَيمْ [٧ب]

إذا تضايق أمرٌ فانتظرْ فرجًا ... فأضيقُ الأمرِ أدناهُ إلى الفَرَجِ


(١) للشاعر أبي فراس الحمداني. من قصيدة (أراك عصيَّ الدمع).