للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وآخرُ بالبصرةِ.

ولا شك أن الشامَ يتميَّزُ عن البصرةِ، لأن البصرة من أرض العراق، فكذلك يتميَّز [٢] كلُّ واحد من النهرين عن الآخَرِ، ثم قال: وقريةٌ بالبلقاء بها قبرُ موسى، فبيَّن أنها من أرض البلقاء، ثم بينها ببيان آخرَ وهو: أن قبرَ موسى ـ عليه السلام ـ فيها، ثم قال: وسيحونَ نهر بما وراءَ النهرِ، ونهرٌ بالهند، فميَّز كلَّ واحد منهما عن الآخر، وتضمَّن ذلك المغايرةَ بين سيحانَ وسيحونَ، وغايةُ ما يقال عليه أنه لم يبيِّن أنها نهرُ الجنة وعذرُه في ذلك واضحٌ، لأنه بصدد بيان المفهوماتِ اللغوية، وقد بينه من هو بصدد بيانِ ما ورد في كلام الشارع كما عرفتَ.

وأما كون هذه الأسماء حقائقَ لمسميَّاتِها، أو مجازاتٍ، أو مختلطةٍ، فقد عرف من صنع المجدِ وقبلَه صاحبُ الصحاح عدمُ التعرضِ لتمييز ذلك وإن كان مقلِّلاً للفائدة، لكنه لا يختصُّ الكلامُ عليه بهذه المادة، بل جميع ما في الكتابين كذلك.

وأما جيحانُ وجيحونُ فقال في القاموس (١) ما لفظه: وجيحونُ نهرُ خوارزم، وجيحانُ نهر بين الشام والروم معرَّب جهانِ. انتهى.

فأفاد المغايرةَ بين جيحانَ وجيحونَ، وأن كل واحد منهما اسمٌ لمسمى واحد، فجيحون نهرُ خوارزم، وجيحان نهر بين الشام والروم، وقد تقدم في كلام ياقوتٍ في كتاب: (المشتركُ وضعًا المختلفُ صقْعًا) (٢) أن جيحانَ بالقرب من سيحانَ الذي هو بالشام بين أنطاكيةَ والرومِ، وهو أن جيحون بخراسانَ، فوافق كلامَ صاحب القاموس فيهما. وفي (شمس العلوم) (٣): جيحونَ اسم نهرٍ بلخٍ فطابق ما في القاموس، لأن


(١) (ص١٥٣٠).
(٢) (ص٣١٤).
(٣) (شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم).
تأليف أبي سعيد نشوان بن سعيد بن نشوان الحميري (٥٧٣هـ) وهو معجم لغوي مهم مرتَّب على الحروف، ومقسَّم إلى الأبواب، لكل حرفٍ باب، وكل بابٍ في شطرين، أحدهما للأسماء والآخر للأفعال. وجعل لكل حرف من الأسماء أو الأفعال بابًا يشرحها فيه .. وهو في ثمانية مجلدات. (مؤلفات الزيدية) (٢/ ٢١٤ ـ ٢١٥).