(٢) عند مسلم في صحيحه رقم (٢٦/ ٢٨٣٩). قال النووي في شرحه لصحيح مسلم (١٧/ ١٧٦ ـ ١٧٧): قوله صلي الله عليه وسلم: «سيحان وجيحان والفرات والنيل كل من أنهار الجنة» اعلم أن سيحان وجيحان غير سيحون وجيحون، فأمَّا سيحان وجيحان المذكوران في هذا الحديث اللذان هما من أنهار الجنة في بلاد الأرمن فجيحان نهر المصيصة وسيحان نهر إذنة وهما نهران عظيمان جدًّا أكبرهما جيحان فهذا هو الصواب في موضعهما. وأمّا قوله الجوهري في صحاحه (٢/ ٤٣٣): جيحان نهر بالشام فغلط أو أنَّه أراد المجاز من حيث أنه ببلاد الأرمن وهي مجاورة للشام، قال الحازمي: سيحان نهر عند المصيصة قال وهو غير سيحون. وقال صاحب (النهاية) ـ (١/ ٣٢٣ ـ ٣٢٤) ـ سيحانه وجيحان نهران بالعواصم عند المصيصة وطرطوس، واتفقوا كلهم على أن جيحون بالواو نهر خراسان عند بلخ، واتفقوا على أنَّه غير جيحون وكذلك سيحون غير سيحان وأمّا قول القاضي عياض هذه الأنهار الأربعة أكبر أنهار بلاد الإسلام فالنيل بمصر والفرات بالعراق، وسيحان وجيحان ويقال سيحون وجيحون ببلاد خراسان ففي كلامه إنكار من أوجه: أحدها: قوله الفرات بالعراق وليس بل هو فاصل بين الشام والجزيرة. والثاني: قوله سيحان وجيحان يقال سيحون وجيحون فجعل الأسماء مترادفه وليس كذلك بل سيحان غير سيحون وجيحان غير جيحون باتفاق الناس. الثالث: أنَّه ببلاد خراسان وأمَّا سيحان وجيحان ببلاد الأرمن بقرب الشام والله أعلم. وأما كون هذه الأنهار من ماء الجنة ففيه تأويلات ذكرهما القاضي عياض ـ في (إكمال المعلم بفوائد مسلم) (٨/ ٣٧٢) ـ: أحدهما: أن الإيمان عم بلادها وفاض عليها، وأنَّ الأجسام المتغذية بهذه المياه صائرة إلى الجنة. الثاني: وهو الأصح أنه على ظاهره، وأنَّ لها مادة من الجنة، إذ الجنة موجودة مخلوقة عند أهل السنة وانها التي أنزل منها آدم. وقد ذكر مسلم أول الكتاب في حديث الإسراء: أنّ النيل والفرات يخرجان من أصلها، وبينه في البخاري (٤/ ١٣٤) فقال: من أصل سدرة المنتهى.