للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما زَعْمُ من زعم المعارضةَ بين قوله ـ صلي الله عليه وآله وسلم ـ: «سيحانُ وجيحانُ والنيلُ والفراتُ من أنهار الجنة» وبين قوله ـ صلي الله عليه وآله وسلم ـ: «وإذا أربعةُ أنهارٍ: نهران ظاهرانِ، ونهران باطنانِ، أما الظاهرانِ فالنيلُ والفراتُ، وأما الباطنانِ فسيحانُ وجيحانُ» (١) ثم صار إلى الجمع بأنه لم يثبتْ في سيحانَ وجيحانَ أنهما من الجنة، فهذا ليس يجمع، بل إهدار لما وقع في الحديثين جميعًا من ذكر سيحانَ وجيحانَ، والأمر أقربُ من ذاك، ومعنى كلام النبوة أوضحُ، فإن غاية ما يستلزمه كونُ سيحانَ وجيحانَ باطنينِ أن لا يظهرُ انصبابُهما من نفسِ الجنةِ بأن يجريا من باطنِها إلى باطن الأرضِ، ثم يظهرانِ من حيثُ ظهرا، ويظهر انصبابُ النيل والفرات من ظاهر الجنةِ إلى ظاهر الأرضِ، ثم يتصلُ ظهورهما وجريُهما بالمواضع المعروفة الآن [٥].


(١) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٥٦١٠) تعليقًا وقد وصله البخاري في صحيحه رقم (٣٢٠٧)، ومسلم رقم (٢٦٤/ ١٦٤).
وأبو عوانة (١/ ١٢٠ ـ ١٢٤).
والنسائي في (السنن) (١/ ٧٦ ـ ٧٧)، وأحمد ٠٤/ ٢٠٧ ـ ٢٠٨)، من طرق عن قتادة عن أنس عن مالك بن صعصعة مرفوعًا بحديث الإسراء بطوله، وفيه: « ... وحدّث نبي الله صلي الله عليه وسلم أنّه رأى أربعةَ أنهارٍ، يخرج من أصلها نهران ظاهران ونهران باطنان، فقلتُ: يا جبريل، ما هذه الأنهار؟ قال: أمَّا النهران الباطنان فنهران في الجنة، وأمَّا الظاهران فالنيل والفرات».