كتاب الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني

العقيدة - الإثبات لالتقاء أرواح الأحياء والأموات - ج: 2 - ص: 620

دلالة على إمكان الكلام منهم في البرزخ، وإذا كان ممكنا فلا مانع من عقل، ولا من شرع أن يلتقي روح بعض الأموات مع روح بعض الأحياء، فيجري بينهم من الخطاب ما يجري بين الأحياء، ويعيى روح الحط ما سمعه من روح الميت. وسيأتي- إن شاء الله- وما وقع من ذلك في أيام الصحابة فمن بعدهم.

الوجه الثاني: أنه قد ثبت بالأحاديث (١) المتواترة عذاب القبر لمن يستحقه، ومعلوم

---

(١) نعم بلغت نصوص السنة في إثبات عذاب القبر مبلغ التواتر إذ رواها أئمة السنة وحملة الحديث وتعاده عن الجم الغفير والجمع الكثير من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منهم: ١/
حديث أنس تقدم تخريجه في هذه الرمالة وهو حديث صحيح (ص ٦١٩ - ٦٢٠). ٢/ البراء بن عازب تقدم تخريجه في هذه الرسالة وهو حديث صحيح (ص. ٦٢). ٣/ حديث عبد الله بن عباس أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٢١٦) وأطرافه [٢١٨، ١٣٦١، ١٣٧٨، ٦٠٥٢، ٦٠٥٥]. ومسلم في صحيحه رقم (٢٩٢) وأبو داود رقم (٢٠) والترمذي رقم (٧٠) وابن ماجة رقم (٣٤٧١) والنسائي (١/ ٢٨ - ٣٠ رقم ٣١). "
مر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على قبرين فقال: إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير " ثم قال: " بلى أما أحدهما فكان يسعى بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله " ثم قال: " أخذ عودا رطبا فكسره باثنتين ثم غرز كل واحد منهما على قبر ثم قال: لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا. ١٤ حديث عبد الله بن عمر أخرجه البخاري رقم (١٣٧٩) وطرفاه ٣٢٤٠، ٦٥١٥ ومسلم رقم (٢٨٦٦) والترمذي رقم (١٠٧٢) والنسائي (٤/ ١٠٧ - ١٠٨) وابن ماجة رقم (٤٢٧٠) وأحمد (٢/ ٥١ - ١١٣). أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار فيقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة ". ٥/ حديث عائشة أخرجه البخاري رقم (١٠٤٩) وأطرافه [١٠٥٥، ١٢٧٢، ٦٣٦٦] عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يهودية جاءت تسألها فقالت لها: أعاذك الله من عذاب القبر. فسألت عائشة رضي الله عنها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيعذب الناس في قبورهم؟ فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عائذا بالله من عذاب القبر ". ٦/ حديث أسماء بنت أبي بكر أخرجه البخاري رقم (١٣٧٣). " قام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خطب فذكر فتنة القبر القط يفق فيها المرء، فلما ذكر ذلك ضج المسلمون ضجة ". ٧/ حديث أبي أيوب الأنصاري أخرجه البخاري رقم (١٣٧٥). قال: خرج البني صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد وجبت الشمس فسمع صوتا فقال: يهود تعذب في قبورها. ٨/ حديث أم خالد فقد أخرجه البخاري رقم (١٣٧٦): عن موسى بن عقبة قال: " حدثتني ابنة خالد بن سعيد بن العاص أنها سمعت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يتعوذ من عذاب القبر ". ٩/ حديث أبي هريرة أخرجه أحمد (٤/ ٣٦٤) وابن ماجة رقم (٤٢٦٨) وهو حديث صحيح. ٠ ١/ حديث أبي سعيد أخرجه أحمد (٣/ ٣، ٢٣٣، ٣٤٦) وهو حديث صحيح.
وفيه " ..... وإن كان كافرا أو منافقا يقول له- ملك في يداه مطراقة- ما تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا، فيقول: لا دريت ولا تليت ولا اهتديت، ثم يفتح له باب إلى الجنة فيقول: هذا منزلك لو كنت آمنت بربك، فأما إذ كفرت به فإن الله عز وجل أبدلك به هذا فيفتح له بابا إلى النار، ثم يقمعه قمعة بالمطراق فيصيح صيحة يسمعها خلق الله عز وجل كلهم غير الثقلين ". ١١/ حديث حمرة أخرجه البخاري في صحيحه رقم (١٣٨٦) وهو حديث طويل.