للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنه لا يعذب إلا وروحه معه، وإدراكه، ولو لم يكن كذلك لكان العذاب الواقع على مجرد الجسم بلا روح ولا إحساس ليس بعذاب، لأن إدراك الألم واللذة مشروط بوجود ما به الإدراك. وإلا فلا إدراك لمن ليس له حياة ولا إحساس لمن لا روح له. وهذا أمر معقول لا يخالف فيه من له أدنى تعقل فضلا عن من له التعقل التام، والإدراك الصحيح. وإذا تقرر لك [١ أ] هذا فأي مانع من ملاقاة روح الحي في منامه لروح هذا الميت فيخبره ببعض الأخبار.

الوجه الثالث: أنه قد ثبت تواترا أن النبي- صلى الله عليه واله وسلم- كان يزور القبور، ويخاطبهم. مما يخاطب به الأحياء كقوله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: " السلام عليكم أهل دار قوم مؤمنين، وإنا بكم- إن شاء الله- لاحقون، نسأل الله ولكم العافية " (١).

الوجه الرابع: أنه- صلى الله عليه واله وسلم- خاطب أهل قليب (٢) بدر، ثم قال لمن عنده: (ما أنتم بأسمع منهم) ولا يسمع الخطاب إلا حي، ووقوع هذا منه- صلى الله عليه واله وسلم- مع أهل القليب متواتر، وما روي (٣) عن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها- من الاحتجاج بعموم القرآن لا ينافي هذا الخاص.

الوجه الخامس: ما ثبت في الصحيحين (٤) وغيرهما من حديث ابن عمر أن رسول


(١) أخرجه مسلم في صحيحه رقم (١٠٤/ ٩٧٥) والنسائي (٩٤١٤ رقم ٢٠٤٠) وابن ماجة رقم (١٥٤٧) والبغوي في شرح السنة رقم (١٥٥٥) وأحمد في المسند (٥/ ٣٥٣ و٣٦٠). كلهم من حديث سليمان ابن بريدة عن أبيه.
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه رقم (١٠٤/ ٩٧٥) والنسائي (٩٤١٤ رقم ٢٠٤٠) وابن ماجة رقم (١٥٤٧) والبغوي في شرح السنة رقم (١٥٥٥) وأحمد في المسند (٥/ ٣٥٣ و٣٦٠). كلهم من حديث سليمان ابن بريدة عن أبيه.
(٣) انظره في الرسالة رقم (٢٣) من هذا القسم.
(٤) تقدم تخريجه آنفا (ص ٦٢١).