للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مطابقا لخبره (١). فهذا من الأدلة العقلية القوية. وإذا ضمت هذا الدليل العقلي إلى ما قدمناه لك من الأدلة النقلية انقلع عنك شكال الإشكال، واندفع عنك عضل الإعضال- إن شاء الله-.

وأما قول السائل- كثر الله فوائده-: فإن قيل أنها خصائص لبعض الأفراد فقد يتأهل لها ناس كير مرضين، فهل يجوز العمل هذه الأخبار ويترتب عليها أحكام أم ماذا يكون حالها؟ [٤أ].

أقول: أما من لم يكن من أهل العدالة فأخباره مردودة غير مقبولة في اليقظة عن الأحياء فضلا عن الأموات، ولكن إذا أخبرنا عن الميت بشيء مطابق للواقع توجه العمل بذلك الخبر لكونه انكشف صحيحا، وأما إذا كان المخبر عدلا فيتعين قبول خبره، لكن إذا كان في حق له على الغير وجب الكشف كما وقع في الدليل السابع الذي قدمناه عن ثابت بن قيس بن تهاس، وأما إذا أخبر بأن عند فلان لفلان كذا، أو فلان فعل بفلان كذا فيجعل ذلك قرينة، فإن صح ما ذكره برهان شرعي عمل عليه، وإلا كان على المدعى عليه اليمن، وأما إذا أخبر بأن عنده لفلان كذا، فإن لم يصدقه الورثة كان عليهم اليمن أنهم لا يعلمون صحة هذا الخبر، ولا مطابقته للواقع، لأن من شرط الخبر أن يكون المخبر به حصل له سببه في اليقظة، لا في النوم، لأن النوم ليس فيه ضبط صحيح، والنائم غير ضابط ضبطا معتبرا في الرواية، ولكن لا يترك هذا الخبر هملا بل


(١) في هامش المخطوط: ومن ذلك ما وقع للمجيب شيخ الإسلام- رضي الله عنه - وهو أنه قبيل موته بقليل قام من مرقده فظن من لديه أنه يريد الحاجة، فقاموا معه لئلا يتعثر فمشى خطوتين، ثم سجد سجدة طويلة كان يفعلها بعد الصلاة، ثم قام ورجع إلى محله، وتوفي بعد ذلك بنحو ساعتين أو ثلاث، فرأته بعض أفاضل الناس فقالت له:. بمعنى أنك سجدت قبل الموت فلم ذلك؟ قال: إنه ورد أن الإنسان ينظر ما سيؤول إليه وأين محله، فلما نظرت ذلك قمت لأسجد لله شكرا، وكذلك ل مص ض ولده كانت الأخوف، فطال المرض فوصل إلى بعض الخدم، وذكر أنه رأي شيخ الإسلام فقال: كيف ولدي أحمد؟ فذكر له أنه باق في مرضه، فقال: قل له يفعل كابلي من الذي كان معه يعرفني فتحيرت لأن الكابلى لا يناسب ذلك العارض ثم فعلته فبرئت بإذن الله رحمه الله وغفر له ورضي عنه.