ما يكفيه لا يجوز له أن يأخذ أجرة غير ذلك، بل يقتصر على ذلك، وإذا قصرت الجراية عن تكليفه طلب من الإمام أن يزيد على ما جعله له من بيت المال إلى القدر الذي يقوم به، فإن لم يفعل الإمام ترك العمل الذي فوضه فيه، واشتغل بغيره، واتكل على خالقه في رزقه، فقد جرت عاده الله- عز وجل- أن من ترك ما لا يحل له عوضه الله من حلاله، ووسع عليه، فقد تكفل- سبحانه- برزق عباده، وأمرهم بطاعته والقيام. مما شرعه لهم.
قال- كثر الله فوائده-: المسألة الخامسة: في أموال المصالح المعشرية مثل المناهل والمساجد والس! بل، هل يجب فيها الزكاة إلى آخر كلامه؟.
أقول: إن كانت الأموال مكسوبة من فاضل الغلة لمثل المساجد والمناهل ونحوهما ففيهما الزكاة كغيرها من أموال الناس، وعموم أدلة الزكاة متناولة لها، لأنها أموال، وإما أنها تجب الزكاة في نفس الزكاة المسوقه إلى بيت المال فلا، وكذلك الجزية المسوقة إلى من هي له لا تجب فيها الزكاة، لأنها من أموال الله- عز وجل- وقد صارت إلى مصرفها، فإخراج بعضها زكاة يحالف موضوعها الشرعي، ويجوز للعامل على هذه الأمور إذا كانت له ولاية شرعية عليها أن يأخذ أجرته بالمعروف، وأما من كان أمر زكاته إليه بتفويض من الإمام كالإجبار فواجب عليهم أن يصرفوها في مصارفها، ولا يأخذوا منها شيئا، فإن أخذوا فهو منكر يجب إظهاره عليهم، ولو كان مصرفا فلا يجوز له أن يصرف زكاته في نفسه.
وإلى هنا انتهى الجواب بقلم كاتبه محمد بن على الشوكاني- غفر الله له [٦ب]-.