للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مالي أراكم عزين (١)، أي متفرقين! وأدخل الشحناء بين المسلمين، ووثب على وظيفة هي لغيره فيتوجه الإنكار عليه وزجره. وإذا لم يرعو عزر بالحبس وغيره.

ولا يصدر ذلك من عارف قط، بل يقع في هذا المنكر جاهل ظن بنفسه العلم، وعاص ظن أنه مطيع مع ما يصحب ذلك من التكبر والعجب، وظن الشمر بالناس، والانقياد للشيطان بزمام.

قال السائل- كثر الله فوائده-: المسألة الرابعة: في الرجل يتولى على شيء من أموال المصالح من طريق إمام الزمان، ويفرض له أجرة معلومة، فيتوسع في التكليف، فإن كان من أهل الرياسة توسع في الأعوان والمراكيب والسلاح والفراشات والنفائس العظيمة، وإن كان من أهل العلم توسع في جمع الكتب العظيمة النفيسة إلى آخر كلامه.

أقول [٦أ] إن كان رزق هذا الذي فرضه له الإمام من بيت المال معلوما، وكان لا يقوم ذلك. مما توسع به في النفقة والكسب فهو خائن إن كان متوليا على شيء من بيت المال، أو من الأوقاف، أو من سائر الأعمال، وإن كان قاضيا فهو مرتش، آكل لأموال الناس بالباطل. هذا على تقدير أن دخله معلوم، وأنه لا دخل له من عمل آخر غير ذلك، وإن كان له من بيت المال دخل غير ما هو معلوم عند من لا يعرف حاله، أو هو متول على أعمال متعددة بحيث يمكن منها أن يتوسع التوسع الذي صار فيه، فينبغي تحسين الظن به، وإعمال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في شأنه ويشافهه، فهو إن كان من أهل العلم لا يحرج من ذلك، وأما ما يجوز له تناوله فإن كان له من بيت المال


(١) يشير إلى الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه رقم (١١٩/ ٤٣٠) من حديث جابر بن حمرة قال: خرج علينا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " مالي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس؟ اسكنوا في الصلاة " قال ثم خرج علينا فرآنا حلقا. فقال: " مالي أراكم عزين؟ ". .
خيل شمس: أي لا تستقر بل تضرب وتتحرك بأذنابها وأرجلها.
عزين: أي جماعات في تفرقة.