للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صفة واحدة هي كما ذكرنا أن يظن أنه قد نال نصيبا من العلم ظنا فاسدا، وجهالة مركبة، وقد يجمع عليه جماعة من العامة الذين لا يفهمون حقيقة، فيريد أن ينبل في أعينهم بالعلم والورع، فينتقص أهل العلم وأهل الدين، وضميره المستتر أنه بحاله أعلى من حالاتهم، وجلالة أكبر من جلالتهم، فيوقعه ذلك في هذا الذنب العظيم. وصار لا علم ولا عمل ولا تورع عن أعراض أهل العلم وصالحي عباد الله.

قال السائل- عافاه الله-: ثم كذلك ما يفعل بعض المتفقهين من أنه يأتي إلى الصلاة في آخر وقتها فيؤم يصلى هم مثلا الظهر في آخر وقتها، ثم يتبعها بصلاة العصر بعد دخول الوقت. ممن صفى هم، وقد ينضم إليه جماعة آخرون من المنتظرين لصلاة العصر مع الإمام الراتب، والإمام الراتب قد صار في المسجد متأهبا إما يتوضئ أو يركع إلى آخر كلامه.

أقول: هذا الذي أخر الظهر إلى آخر وقتها قد أحرم نفسه الأجر العظيم، وأحرم من اقتدى به، فإنه قد صح أن الصلاة لأول (١) وقتها من أفضل الأعمال، وجمع بين الصلاتين لا لسبب، بل لمجرد استثقال العبادة، وعدم الرغوب إليها، وفعل منكرا عظيما بالتجميع في مسجد فيه راتب يؤم فيه، وفرق الجماعة مع صحة النهى (٢) عن النبي - صلى الله عليه واله وسلم- عن تفريق الجماعة، وقال: ......................


(١) يشير إلى الحديث الذي أخرجه البخاري قي صحيحه رقم (٥٢٧) ومسلم رقم (٨٥) من حديث عبد الله بن مسعود قال: سألت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أي العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال: " الصلاة على وقتها " قلت: ثم أي؟ قال " بر الوالدين " قلت: ثم أي؟ قال: " الجهاد في سبيل الله ".
(٢) (منها) ما أخرجه مسلم قي صحيحه رقم (١٨٤٨/ ٥٣) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من خرج عن الطاعة وفارق الجماعة فميتته جاهلية ".
(ومنها) ما أخرجه البخاري قي صحيحه (٧١٤٣) ومسلم قي صحيحه رقم (٥٥/ ١٨٤٩) من حديث ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من رأى من أمره شيئا يكرهه فليصب فإن فارق الجماعة شبرا فمات فميتته جاهلية ".