للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ترده الأدلة الصحيحة، وتدفعه الإجماعية المحكية عن أهل الإسلام من طرق وقد نص هذا القول إلى المعتزلة (١)، ولا يصح ذلك، وقد جمع بين هذه الأقوال بأن الأرواح متفاوتة في مستقرها، وأن الأدلة إلى قدمناها كل نوع منها وارد على فريق من الناس، وهذا جمع حسن، قال القرطبي (٢): الأحاديث دالة على أن أرواح الشهداء خاصة في الجنة دون غيرهم، فإن أرواحهم تكون في السماء تارة، وفي الجنة تارة، وعلى أفنية القبور تارة. وقد ورد أن أرواح الشهداء على بارق نهر بباب الجنة، وفي بعض ألفاظه ما يدل على أن النهر خارج الجنة، ويمكن الجواب عن هذا بأنها تفارق الجنة في بعض الحالات اختيارا منها، وتعود إلى حيث كانت.

قال ابن تيمية (٣): الأحاديث متواترة على عود الروح إلى الجسد وقت السؤال.

وقال تقي الدين (٤) السبكي: عود الروح إلى الجسد ثابت في الصحيح بجميع الموتى فضلا عن الشهداء، وإنما النظر في استمرارها في البدن، وفي أن البدن يصير حيا بها كحالته في الدنيا، أو حيا بدونها حيث شاء الله، فإن ملازمة الحياة للروح أمر عادي لا عقلي.

وفي هذا القدر كفاية انتهى.


(١) المعتزلة: اسم يطلق على فرقة ضالة منحرفة ظهرت في الإسلام في القرن الثاني الهجري ما بين (١٠٥ - ١١٠هـ) بزعامة رجل يسمى: "واصل بن عطاء الغزال".
نشأت هذه الطائفة متأثرة بشيء الاتجاهات الموجودة في ذلك العصر. وقد تفرقت المعتزلة فرقا كثيرة، واختلفوا في المبادئ والتعاليم ووصلوا إلى اثنتين وعشرين فرقة.
الملل والنحل (١/ ٥٦ - ٩٦)، الفرق بين الفرق (ص١١٢ - ١٨٧)
(٢) في "التذكرة" (١/ ٣٠٠ - ٣٠١)
(٣) في مجموع فتاوى (٢٤/ ٣٦٥)
(٤) في "فتاوى السبكي" (٢/ ٦٣٦ - ٦٣٨)