للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: ولا تصح (١) هذه الدعوى للإجماع، فإن الطوائف مختلفة حسبما قدمنا، والأدلة متنافية في الظاهر، وكون أرواح الكفار في السماء غير مسلم وإن كان ذلك مجرد العرض على آدم. من دون استقرار فلا بأس، ولكن الخلاف في مستقر الأرواح. وقالت طائفة: إن أرواح المؤمنين والكافرين على أفنية القبور إلا أرواح الشهداء فإنها في الجنة. وحكاه ابن حزم (٢) عن عامة أصحاب الحديث.

وقالت طائفة: إن أرواح المؤمنين في عليين، وأرواح الكفار في سجين. ورجح هذا القول الحافظ ابن حجر (٣) وقد تقدم في الأحاديث التي ذكرناها ما يخالفه. وقد استدل بعض أهل العلم لهذا القول. مما في حديث الجريدة (٤)، وأنه- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- قال: " إنه يخفف على القبرين ما دامت رطبة" ولا يتم [٢أ] هذا الاستدلال، فان التخفيف لا يستلزم أن تكون الروح المخفف عنه في ذلك المكان.

وقالت طائفة من المتكلمين: إن الأرواح (٥) تموت. بموت الأجساد، وهذا القول باطل


(١) انظر " الروح " لابن القيم (١٢٧ - ١٢٨)
(٢) في "الفصل" (٤/ ١٢): ثم قال عقبه وهذا قول لا حجة له أصلا تصححه إلا خبر ضعيف لا يحتج. ممثله.
وقال ابن القيم في " الروح " ص ١١٩: وأما قول من قال الأرواح على أفنية قبورها، فإن أراد أن هذا أمر لازم لها لا تفارق أفنية القبور أبدأ فهذا خطأ ترده نصوص الكتاب والسنة.
وإن أراد أنها تكون على أفنية القبور وقتا، أولها إشراف على قبورها وهى في مقرها فهذا حق ولكن لا يقال مستقرها أفنية القبور.
ودليلهم على ذلك حديث ابن عمر: " أن أحدكم إذا مات عرض عليه معقدة بالغداة والمشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل النار يقال له هذا مقعدك حتى يبعثك الله إلى يوم القيامة.
(٣) ذكره السيوطي في "شرح الصدور" (ص ٣٢٠)
(٤) تقدم تخريجه في الرسالة رقم (١٢) (ص٦٢٠ - ٦٢١)
(٥) ذكره السيوطي في "شرح الصدور" (ص ٣٣٢)