للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- تعالى-[٢ب]، ولم يشذ منهم إلا اليهودي الزنديق موسى بن (١) ميمون، وقد تبرأ منه قدما اليهود، وحرموه أي: أخرجوه من دينهم، بل وكذلك النصارى، وإن لم يكن من أهل ملتهم، فقد صرحوا بخذلانه وزندقته.

قال البصراني في تاريخه (٢): ورأيت كثيرا من يهود بلاد الإفرنج بأنطاكية وطرابلس يلعنونه ويسمونه كافرا انتهى.

قلت: وقد وقع لهذا الملعون من تحريف كثير ما يدل على إلحاده وزندقته، وقد رددت ما حرفه في المؤلفين المذكورين سابقا، وأوضحته بأتم إيضاح وأما يهود عصرنا فصاروا يعظمونه، وذلك لجهلهم بحقيقة الحال، وقد ذكرت لجماعة من أحبارهم بعض تحريفاته فلعنوه وتبرؤوا منه، وكما أن هذا الذي ذكرناه مجمع عليه بين أهل الملل التابعين لأنبيائهم فهو أيضًا مجمع عليه بين المشتغلين بالعقل والنظر كالكلدانيين (٣) والصابئين أتباع صاب بن إدريس (٤) كما رويناه في حكاية مذاهبهم التي ذهبوا إليها في شأن المعاد، ومنهم اليونان فإنهم جميعهم من عند اسقلنييوس (٥) إلى عند ....

....

..


(١) تقدم ترجمة في الرسالة رقم (١٠) من هذا القسم (ص ٤٩٦).
(٢) لم أعثر عليه؟!
(٣) الكلدانيون: يطلق هذا الاسم على تلك الأمة التي يرجح أنها نزحت من جنوب الجزيرة العربية فسكنت العراق وأقاموا ملكهم هناك بعد قضائهم علي السومريين وعرفت بلادهم باسم "بابل" وقد بعث الله بليهم إبراهيم الخليل يدعوهم إلى عبادة الله وحده ونبذ الأوثان التي كانوا يعبدونها. وذلك أيام ملك النمرود بن كنعان، وقد كسر خليل الله أصنامهم وجرت بينه وبينهم مجادلات انتهت بتفوقه على ملكهم كما قص الله ذلك في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ} إلى قوله تعالى: {فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ}.
أنظر النهاية لابن كثير (١/ ٤٠ وما بعدها) كشف الظنون (١/ ٢٩ - ٣٠).
(٤) لم أعثر على ترجمته. بما لدي من كتب التراجم.
(٥) الأول فيمن تولى رئاسة الطب ضمن الثمانية- من عهده إلى عهد جالينوس- الفهرست لابن النديم (ص ٣٩٨).