للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التكليف عن غير البالغ.

ولكنه يمكن أن يقال أن حديث عائشة خاص صحيح يصلح لتخصيص هذه العمومات، وإن خالف في ذلك بعض الطوائف باعتبار عموم القرآن، ولهذا قلنا ظاهرا. ويمكن أن يقال أنه لا إشكال في الحديث، وبيانه أن قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعائشة: " أو غير ذلك ... " (١) لم يقع بيانه بأن هذا الطفل قد يكون في النار بل قال " بأن الله خلق للنار خلقا وللجنة خلقا ". وفي ذلك إشارة إلى الأحاديث الصحيحة (٢) الواردة في كتب السعادة والشقاوة عند وضع النطفة.

فيتوجه اعتراضه- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- على عائشة إلى ما ذكرته في آخر كلامها لتعليل كونه عصفورا من عصافير الجنة قائلة لم يعمل السوء ولم يدركه فأرشدها- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- إلى شيء يخالف هذا التعليل ببيان خلق الجنة وخلق النار، وأنه قد جف القلم (٣). مما فيه، وكأنه قال لها: هاهنا مقتضى [٣] آخر


(١) تقدم تخريجه
(٢) عن أنس بن مالك عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن الله عز وجل وكل بالرحم ملكا، يقول يا ربي نطفة، يا رب علقة يا رب مضغة، فماذا أراد أن يقضي خلقه قال: أذكر أم أنثى أم سعيد، فما الرزق والأجل فيكتب في بطن أمه". .
أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٣١٢) ومسلم رقم (٥/ ٢٦٤٦)
(٣) يشير إلى الحديث الذي أخرجه الترمذي رقم (٢٥١٦) وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وهو كما قال.
عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كنت خلف رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوما، فقال لي: يا غلام، إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف"