للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واعترضه المؤيد بالله عليه السلام (١) وغيره أنا لا نسلم أن هذا العلم إلى ما ذكرتم بل يجوز أن يكون علما ابتدائيا يخلقه الله تعالى فينا ابتداء إلى غير ذلك من الاعتراضات على هذا الدليل.

ومما أورد على دليل المقابلة أن قولكم إن أحدنا لا يرى الشعاع معترض بأن يقال إن هذا إنما هو في رؤية الأجسام والألوان فقط في الكريم أن الله لا تصح رؤيته ولا يفتقر فيها إلى شعاع فلا يلزم حينئذ أن يكون صح أصلا في جهة كما ذكرتم.

وأجيب بأنا إنما ننفي عن الله تعالى الرؤية المعقولة والرؤية إلى نعقلها إنما هي بالشعاع كما تقدم. وأما ما لا يعقل فيكفيه نفيا أنه لا يعقل، على أن الرؤية بغير الشعاع كالرؤية بغير الحاسة في أفما لا يسميان رؤية أحمية لغوية إلى غير ذلك من الاعتراضات الواردة على هذا الدليل، على أن أبا هاشم قد ذهب إلى أن الشيء إذا كان تصح رؤيته في نفسه فإنه يصح أن يرى وإن لم يكن مقابلا ولا حالا في المقابل ولا في حكم المقابل، ولهذا أقر جماعة من القائلين بعدم جواز رؤية الله أن اعتمادهم في هذه المسألة ليس إلا على دليل الموانع وممن صرح بذلك النجري (٢) في شرح القلائل.

قال: قالت الأشعرية: ورؤيته تعالى بلا كيف، أي لا يرى في جهة من الجهات ولا على صفة من الصفات. وتحقيق ذلك ما قاله الرازي: ونصه: (المراد من الرؤية أن يحصل انكشاف قام بالنسبة إلى ذاته المخصوصة ويجري مجرى الانكشاف الحاصل عند اتصال الألوان والأضواء، وهذا الانكشاف لا أن يكون المكشوف حاصلا في جهة). وقال في موضع آخر: (ربما عاد الخلاف بين أصحابنا


(١) ثم التعليق على هذا " اللفظ " في رسالة " الصوارم الحداد " رقم (٢٤) من مجلدنا هذا.
(٢) ولد (٨٢٥ - ٨٧٧ هـ) من مؤلفاته " شرح القلائد في تصحيح العقائد " انظر الأعلام للزركلي (١٢٧١٤) الضوء اللامع (٥/ ٦٢).