للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حاصلة بين الحاسة والمرئي فلا بد حينئذ من أن يكون المرئي حاصلا في جهة إذ لا يعقل الاتصال بين ما هو في جهة وهو الشعاع وبن ما ليس في جهة وهو المرئي، وأما اللون فمعي اتصال الشعاع به هو أن يتصل. محله وجهة محله، فثبت أن المرئي بالشعاع لا بد أن يكون مختصا بجهة يتصل ها الشعاع.

وأما الأصل الثالث: وهو أن الله تعالى لا يختص إنه فقد ثبت أن اختصاصه. مكان يستلزم أن يكون من جنس الأجسام، وسواء كان جسما مركبا (١) من ثمانية جواهر أو أقل أو أكثر، وإنما قلنا إن القول بذلك يستلزمها لأدت كل (٢) ما تمكن في الأماكن أو شغل الجهات فهو متحيز، وكل متحيز فهو من قبيل الأجسام، والجسمية تستلزم الحدوث لما تقرر من أن كل جسم محدث، وهو على هذين الدليلين، أعنه دليل الموانع، ودليلي المقابلة اعتراضات ومناقشات ودفوع.

فمما أورد على دليل الموانع أن قولكم إن أحدنا حاصل على الصفة التي لو ورث لما رئي إلا لكونه عليها- غير مسلم، بل يفتقر إلى أمر آخر وهو الإدراك الذي هو المعني، وأما استدلالكم على نفيه بأن أحدنا إذا كان صحت الحاسة والموانع مرتفعة والمدرك موجود أن تدرك .. الخ. فجوابه أن يقال ما أنكرتم أن الله تعالى قد أجرى العادة أن يخفق الإدراك الذي هو المعني عند اجتماع هذه الأمور ولا يخلقه عند شماء منها، وجعل ذلك مستمرا على طريقة واحدة. وأجيب عن هذا بأنه يستلزم أن كون احدنا أن يكون بين يديه أجسام عظيمة وهو يراها بأن لا يخلق الله له ذلك المعنى، والمعلوم أن أحدنا يعلم أنه لا شطء بحضرته، وأن هذا العلم مسند إلى أنه لو كان شيء بحضرته لرآه.


(١) انظر تلبيس الجهمية (١/ ٦٠٩ وما بعدها).
(٢) في المخطوط (كلما) وهو خطأ إملائي إذ وردت فيه موصولة كالشرطية "كلما" والصواب ما أثبتناه.