للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن يكون هو تعالى منزها عن الجهة فهم يحيلون رؤيته فثبت أن هذه الرؤية المنزهة عن الكيفية مما لا يقول به أحد إلا أصحابنا) انتهى.

تنبيه: قال: ضرار بن عمرو (١) أنه تعالى يرى بحاسة سادسة، وذلك لما رأى باقي إدراكه هذه الحواس من المحالات، ورد قوله بأن هذه الحاسة إن كانت شعاعا لزم كونه جسما لما تقدم في (٢) دليل المقابلة، وإن لم يكن شعاعا فغير معقول، على أن تسميتها رؤية ممنوعة، لأن الرؤية اسم للإدراك هذه الحاسة، ومن الإلزامات العامة له، وللأشعرية تجويز أن يكون الله تعالى مطعوما ومسموعا وملموسا ومشموما: إما على وجه غير ما نعقله في الشاهد كما قالت الأشعرية في الرؤية، أو بحواس أخر كما قال ضرار، فإن منعوا ذلك ورد عليهم ما أوردوه على المانعين من الرؤية من أن المنع طعن في قدرة الله وإلا فما الفرق؟

مقدمة ينتفع ها بين يدي الأدلة النقلية

وسنشرع الآن في سرد أدلة الفريقين النقلية والكلام عليها وسنهدي إليك قبل الشروع فيها مقدمة تنتفع ها في هذه المسألة وأخواتها إن كنت ممن رزق الإنصاف، وتستعن ها على السلامة من موبقات التعصب ومزالق الاعتساف.

فنقول: اعلم أن فرقتي الأشعرية (٣) والمعتزلة (٤) قد اشتهر بينهما من الخلاف ما ملأ الأقطار وظهر بلا مرية ظهور النهار، وأفضى ذلك إلى العصبية التي هي من أقبح المشارب الوبية، ثم تزايد الشر وتضاعف في كل عصر حتى بلغ إلى الترامي بالكفر والفسق، فلا تكاد تقف على كتاب من كتب إحدى الطائفتين في مسائل الخلاف إلا وأشار فيه من


(١) ذكره ابن تيمية في تلبيس الجهمية (١/ ٣٤٤)
(٢) في [أ] "و" والصواب ما أثبتناه من [ب]
(٣) تم التعريف بها (ص ١٥١).
(٤) تم التعريف ها (ص ٦٥٦).