للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المحيطة لكونها أقرب إلى تلك الحقيقة، وهذه الرؤية المكيفة بكيفية الإحاطة أخص مطلقا من الرؤية المطلقة، وسلب الأخص لا يستلزم سلب الأعم.

وأجيب: بأن اعتبار فقد الإحاطة في الإدراك ممنوع لا يثبت في شيء من أصلا، لا فيما هو الأصل على زعمكم- أعني- النيل والوصول والبلوغ، ولا في المنقول إليه أعني الرؤية، على أن الإدراك إذا اقترن بالبصر كان حقيقة في مجرد الرؤية، سواء قلنا إنه حقيقة لغوية (١) كما هو الظاهر أو عرفية (٢) فدعوى النقل ممنوعة أيضا، وأيضًا


(١) الحقيقة ويراد ها ذات الشيء وما هيته، كما يقال حقيقة العالم: من قام به العلم.
وتطلق. بمعنى اليقين. وتطلق ويراد ها المستعمل في اصل ما وضعت له في اللغة.
وقال ابن سيده في " المحكم " الحقيقة في اللغة: ما أقر في الاستعمال على اصل رضعه.
وتنقسم الحقيقة إلى لغوية، وعرفية وشرعية لأن الوضع المعتبر فيه إما اللغة وهي اللغوية كالأسد للحيوان المفترس أولا. وهو إما وضع الشارع وهي الشرعية كالصلاة للأركان وقد كانت في اللغة للدعاء أولا. وهي العرفية المنقولة عن موضوعها الأصلي إلى غره بعرف الاستعمال ولتتبه لأمرين.
١/: أن اللغوية أصل الكل، فالعرف نقلها عن اللغة إلى العرف والشرع نقلها عن اللغة والعرف.
٢/:أن الوضع في اللغوية غر الوضع في الشرعية والعرفية، فأنه في اللغة تعليق اللفظ بإزاء معنى لم يعرف به يخر ذلك الوضع.
وأما الشرعية والعرفية فبمعنى غلبة الاستعمال دون المعني السابق.
انظر البحر المحيط (١٥٣/ ٢ - ١٥٥). والكوكب المنير (١/ ١٤٩).
(٢) والحقيقة العرفية إما أن تكون عامة، وهي أن لا يختص تخصيصها بطائفة دون أخرى (كدابة) فإن وضعها بأصل اللغة لكل ما يدب على الأرض من ذي حافر وغيره، ثم هجر الوضع الأول- وصارت في العرف حقيقة الفرس) ولكل ذات حافر.
وكذا ما شاع استعماله في غير موضوعه اللغوي كالغائط والعذرة والراوية فإن حقيقة الغالي المطمئن من الأرض والعذر في فناء الدار والرعية: الجمل يستقى عليه الماء.
أن تكون (خاصة) وهي ما خصته كل طائفة من الأسماء بشيء من مصطلحاتهم، كمشد وخبر، وفاعل ... في اصطلاح النحاة انظر: الكوكب المنير (١/ ١٥٠).