سلب العموم، حتى قال بعضهم إنه لا يوجد في التنزيل واستعمال فصحى إلا بالمعنى الأول.
وقد اعترف هذا سعد الدين (١) في شرح المختصر والمطول وشرح المقاصد، ومن أحب الوقوف على حقيقة ذلك فلينظر المطول في شرح قول القزويني: واستغراق المفرد أشمل .. الخ. وقد أطال تحقيق ذلك في شرح المقاصد ما خلاصته: أن النسبة قد تعتبر أولا إلى الكل ويعتبر دخول النفط عليه فتفيد سلبه، وقد يعتبر دخول النفط أولا ثم النسبة إلى الكل فلا يكون النفط متوجها إليه وإنما يتوجه إلى ما دخل عليه من الكلام الخالي عن حلية العموم فيفيد عموم السلب، والأول يفيد سلب العموم .. الخ. حتى قال: وبالجملة فالأول من قبيل نفى الجمع، والثاني من قبيل نفي المفرد وهو أشمل كما صرحوا به. وهذا جار في جميع القيود لا في مجرد العموم، ثم ذكر لذلك شواهد قرآنية. ثم قال: إلى ما لا يحصى في الكتاب والسنة وغيرهما من كلام الفصحى جار كفه على الاعتبار الثاني. وقال الكابي في " شرح المتحصل ". وهو إمام- ما نصه: " إنه تعالى عن بقوله لا تدركه الأبصار أي [١٩] لا يدركه واحد من الأبصار وذلك يقتض بأنه لا يدركه شيء من الأبصار في شيء من الأوقات أصلا، لأن قولنا تدركه الأبصار بالإطلاق العام ينقض قولنا لا تدركه الأبصار، بدليل أنه يستعمل كل واحد منهما في كذب الأخر، وإنما يتناقضان لو كان المراد من السالبة المذكورة هو السالبة الكلية الدائمة لما عرفت في المنطق أن المطلقتين القائمتين لا تتناقضان لجواز صدق كل واحدة منهما مع الأخرى في زمان، فإذا كان وثبت صدق قولنا لا يدركه شيء من الأبصار في شيء من الأوقات لزم كذب قولنا تدركه الأبصار لأن صدق أحد النقيضين يوجب كذب الآخر، وإذا ثبت كذب