للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الامتناع. وقولكم "لا مدح للمعدوم" مريدين بذلك أنها لو كانت مدحا له تعالى بأنه لا يرى لشاركه المعدوم في ذلك لأنه لا يرى- باطل، لأن الله تعالى قد تمدح بأنه لمس كمثله شيء (١) وأيضا فإن الممتنع لا يجوز التمدح به إلا إذا كان على ضرب من الكناية، كالتمدح بانتفاء الرؤية لانتفاء لازمها من الجهة ونحوها، إذ لا معنى للتمدح بانتفاء الرؤية من حيث ذات الرؤية فقط، فإن المعدوم لا يرى ولا مدح في عدم رؤية، وقس على ذلك التمدح بانتفاء السنة والنوم والولد والصاحبة، وأيضا فأنتم قائلون بأن قوله تعالى: {ولا يظل ربك أحدا} (٢) من قبيل التمدح [٢٢] بانتفاء الممتنع لذاته، إذ الظلم محال لا يقدر عليه تعالى عندكم فما بالكم أبيتم ذلك (٣) هنا. (ومنها): سلمنا دلالة الآية على ما ذكرتم، وعدم ورود شيء من هذه الأمور التي أسلفناها، فعمومها مخصص بالأحاديث البالغة رتبة التواتر كما صرح به الإمام محمد بن إبراهيم الوزير في "الروض الباسم (٤) وغره، والعلامة السيوطي في "البدور السافرة في أمور الآخرة (٥) حتى جزم الإمام المذكور أنها تزيد على ثمانين حديثا من طريق أكثر من ثلاثين صحابيا منهم: أبو هريرة (٦)، وأبو سعيد الخدري (٧)، .................................


(١) [الشورى: ١١]
(٢) [الكهف: ٤٩]
(٣) انظر حادي الأرواح (ص: ٣٦٩ - ٣٧١)
(٤) (١/ ١٨٢ - ١٨٣)
(٥) (٤٧٧ - ٤٩١)
(٦) تقدم أيضًا (ص٧٣٠)
(٧) أخرجه البخاري رقم (٧٤٣٩) ومسلم في صحيحة رقم (٣٠٢/ ١٨٣) وهو حديث طويل وفيه " ..... فيقول ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك لا نشرك بالله شيئا (مرتين أو ثلاثا) حتى إن بعضهم ليكاد أن ينقلب. فيقول هل بينكم وبينه آية، فتعرفونه ها؟ فيقولون: نعم. فيكشف عن ساق فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود، ولا يبقى