للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مطلقة لا موجهة دائمة.

وأجيب: بأن عموم الأزمان لقد سبق أنه مستفاد من الآية، وملاحظة القدح يأبى هذا التخصيص لأن عدم الرؤية في الدنيا ليس فيما يختص به الباري جل جلاله لجريه في أشياء كثيرة فلم يبق للتمدح فائدة يعتد ها ثم لا فرق بين قول من قال إن العام في الأشخاص عام في الأوقات والأحوال، وقول من قال إنه مطلق فيها كما حققه ابن دقيق (١) العيد في "شرح العمدة".

(ومنها) أنكم إما أن تحملوا الأبصار على حقيقتها، أو تجعلوها. بمعنى المبصرين: إن قلتم بالأول لم يصح لكم الاستدلال لأنا نقول إن الأبصار هي المذكورة، وإنما يدركه المبصرون، وإن قلتم بالثاني لزمكم في قوله تعالى: {وهو يدرك الأبصار} (٢) أن يكون معناه وهو تعالى مبصر [٢١] مدرك فيدرك نفسه، وكل من قال بأنه يدرك نفسه قال بأنه يدركه غيره.

وأجيب بأن المراد بالأبصار ليس معناه الحقيقة إذ لا مدح حينئذ، ولا المبصرين مطلقا إذ لا دليل على ذلك بل المبصرين بالأبصار فيكون المعنى لا يدركه أهل الأبصار وهو يدرك أهل الأبصار، والقديم ليس من أهل الأبصار فاندفع الإشكال.

غاية ما يلزم ألا لا يكون في الآية دليل على نفى إدراكه لنفسه صريح، بل إدراك أهل الأبصار فقط، لكن يلزم من ذلك نفط إدراكه لنفسه، لأن كل من قال بأنه لا يدركه غيره قال بأنه لا يدرك نفسه.

(ومنها) أن التمدح بنفي الرؤية يدل على صحتها لأنها لو امتنعت ما حصل التمدح بنفيها إذ لا مدح للمعدوم بأنه لا يرى حيث لم يكن له ذلك.

وأجيب:. منع الملازمة، والسند التمدح بنفي الصاحبة والولد مع امتناعهما غاية


(١) هو العلامة الشيخ الدين أبو الفتح الشهر بابن دقيق العيد المتوفى سنة ٧٠٢ هـ
(٢) [الأنعام:١٠٣]