للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باطل. فكذا هاهنا انتهى. ولا يخفاك أن قوله: ووجود السماوات والأرض في الآخرة غير معلوم ممنوع، لأنا نقول: إن أراد غير معلوم بالسمعي فباطل، لوجود الدليل السمعي عليه، وهو قوله تعالى: {يوم تبدل الأرض ... الآية} (١)، وقوله: (وأورثنا الأرض الآية& (٢) وكذلك ما وفى عن السلف مما سيأتي بيانه، وإن أراد غير معلوم بالعقل فليس البحث هاهنا في أدلة العقل، على أن كونه لا بد لأهل الدار الآخرة مما يقلهم ويظلهم، وذلك هو الأرض والسماء هو دليل عقلي، وأما قوله (٣): وبتقدير أن يكون وجودهما معلوما إلا أن بقاءها على وجه لا يفئ البتة غير معلوم. فيجاب عنه بأنه قد ورد السمع كتابا وسنة [٢أ/ب] ببقاء الدار الآخرة، وعدم تناهي ما فيها، وهذا الدليل [٣أ] يكفي في كل ما ثبت وجوده فيها. وأما قوله (٣): أقصى ما في الباب ... إلى آخره. فيجاب عنه بأن القياس إذا اشتمل على فائدة زائدة على أصل الدليل فلير بضائع، وكذلك التشبيه إذا كان الغرض الحاصل منه، وهو التقرير والمبالغة في التصوير موجودا فليس بباطل.

قال الرازي (٣) مجيبا عن الجواب الثاني: ولقائل أن يقول: هل يسلمون أن قول القائل: خالدين فيها ما دامت السماوات يمنع من بقائهم في النار بعد فناء السماوات، أو يقولون: إنه لا يدل على هذا المعنى؟ فإن كان الأول فالإشكال لازم، لأن النص لما دل على أنه يجب أن يكون مدة كونهم في النار مساوية لمدة بقاء السماوات، ويمنع من حصول بقائهم في النار بعد فناء السماوات، فعندها يلزمكم القول بانقطاع ذلك العقاب. وأما إن قلتم: إن هذا الكلام لا يمنع من بقائهم في النار بعد فناء السماوات فلا


(١) إبراهيم:٤٨
(٢) الزمر:٧٤
(٣) في تفسره (١٨/ ٦٤)