للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السماوات والأرض، وبن لزوم العقاب ليست مثل النسبة التي بين الإنسان والحيوان. قال الرازي (١) بعد كلامه السابق-: فإن قالوا: فإذا كان العقاب حاصلا سواء بقيت السماوات والأرض أو لم تبق لم يكن لهذا التشبيه فائدة. قلنا: بل فيه أعظم الفوائد، وهو أنه يدلا على بقاء ذلك العقاب دهرا. مما ألا (٢) يحيط العقل بطوله وامتداده. فأما إنه هل يحصل له أمجرى (٣) أم لا فذلك يستفاد من دلائل أخر. وهذا الجواب الذي قررته جواب حق، ولكن إنما يفهمه إنسان ألف شيئا من المعقولات انتهى (٤) وأقول ليس النزاع إلا في كون ذلك العقاب له آخر أم لا؟ ولا نزاع في مجرد الطويل الذي لا تحيط العقول بطوله، فإن ذلك مستفاد من الخلود والأبد، فلم يكن هذا الجواب شيئا، والإحالة على الدلائل إلا لم خر مع عدم الجزم منه بدلالتها على أحد الأمرين لا يفيد شيئا، على أنه لو جزم بأنها تفيد أحد الأمرين، ولم يبينها لم تكن هذه الإحالة مفيدة.

وإذا تقرر لك جميع ما ذكره وذكرناه عرفت الصواب- إن شاء الله-.

وأما ما أجاب به الجمهور عن الاستدلال أوله: {إلا ما شاء ربك} (٥) فهو أربعة عشر جوابا.

الأول: أنه استثناء من قوله: {ففي النار} كأنه قال: إلا ما شاء ربك من تأخير قوم عن ذلك، وهم من شاء الله أن لا يدخلهم النار، وإن شقوا بالمعصية. حكى هذا


(١) في تفسيره (١٨/ ٦٥)
(٢) في [ب] لم.
(٣) في [ب] أخرى
(٤) أي كلام الرازي في. تفسيره (١٨/ ٦٥)
(٥) هود:١٠٧