للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبو نضرة (١) عن أبي سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله. ويكون على هذا ما في {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} (٢) للعدد لا للأشخاص، كقوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ} (٣) وتقرير هذا الجواب: فأما الذين شقوا ففي النار إلا عددا من هؤلاء الأشقياء، فإنهم ليسوا في النار ولا يدخلونها (٤) ويجاب عنه بأنه مخالف للظاهر من وجهن:

الأول: طول الفصل ما بين المستثني والمستثني منه.

والثاني: التعسف في تأويل ما بذلك التأويل، فإنه مخالف لمعناها، وأيضا ليس المقام مقام ذكر الأعداد حتى تحمل على العدد، بل المقام مقام ذكر الأشخاص التي أثبت الله لهم هذه الأحوال.

الجواب الثاني: ما قاله ابن قتيبة (٥)، وابن الأنباري (٦)، والفراء (٧) أن هذا الاستثناء استثناه الله تعالى ولا يفعله البته، كقولك: والله لأضربنك إلا أن أرى غير ذلك، مع عزيمتك على ضربه، فكذا هنا، وأطالوا الكلام في تقرير هذا.


(١) ذكره القرطبي في " الجامع لأحكام القرآن " (٩/ ٩٩).
(٢) النساء: ٣
(٣) النساء:٣
(٤) انظر فتح القدير (٢/ ٥٣٥)
(٥) عزاه إليه الشوكاني في " فتح القدير " (٢/ ٥٣٥)
(٦) عزاه إليه القرطبي في " جامع أحكام القرآن " (٩/ ١٠٠)
(٧) في " معاني القرآن " (٢/ ٢٨): حيث قال: ففي ذلك معنيان أحدهما أن تجعله استثناء يستثنيه ولا يفعله كقولك: والله لأضربنك إلا أن أرى غير دلك وعزمحك لحى ضرر والقول الآخر أن العرب إذا استثنت شيئا كبيرا مع مثله أو مع ما هو أكبر منه كان معنى إلا ومعنى الواو سواء، فمن ذلك قوله (خالدين فيها مادامت السماوات والأرض) سوى ما يشاء من زيادة الخلود فيجعل (إلا) مكان (سوى) فيصلح. كأنه قال:: خالدين فيها مقدار ما كانت السماوات وكانت الأرض سوى ما زادهم من الخلود والأبد