للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدليل المقتضى لذلك وجب المصير إلى أفض تلك التأويلات. وقد جاء الدليل الدال على عدم خروج الكفار من النار بحال من الأحوال كمثل قوله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ} (١) فإن في هذه الآية الشريفة دليلين جليلين على عدم خروجهم (٢) منها بحال من الأحوال.

الأول: قوله: {وما هم بخرجين منها}، فإن هذا النفط المؤكد يفيد أنه لا خروج لهم منها، فلو فرض في وقت من الأوقات، أو حال من الأحوال أفم يخرجون منها لم يكن هذا في مطابقا للواقع، واللازم باطل بالإجماع فالملزوم [٥ب/ب] مثله. وهكذا لو فرض أن النار نفسها تفئ فإنه يصدق عليهم أفم قد خرجوا منها، لأن مفارقتها خروج منها، وذلك يستلزم أن لا يكون هذا الخبر مطابقا للواقع، واللازم باطل بالإجماع فالملزوم مثله.

وأما الدليل الثاني من هذه الآية فقوله تعالى: {ولهم عذاب مقيم} (٢) فإنه يدل على أن هذا العذاب مقيم عليهم، مستمر لهم، فلو خرجوا من النار في وقت من الأوقات، أو فنيت النار لم يكن عذابها مقيما عليهم. ومثل هذه الآية الآيات فيها العفو عنهم، والآيات التي فيها نفى المغفرة لهم، والآيات التي فيها استمرار غضب الله عليهم، ودوام سخطه، وهي كثيرة جدا في الكتاب العزيز فلو فرضنا في وقت من الأوقات أفم يخرجون من النار، أو أن [١٩] النار تفئ لكان ذلك مما يصدق عليه العفو والمغفرة، ومما يستفاد منه ارتفاع الغضب والسخي. وقد أخبرنا الله بأنه لا عفو عنهم، ولا مغفرة لهم، وأن غضبه مستمر عليهم، وسخطه دائم لهم، فيلزم عدم مطابقة الخبر للواقع، واللازم باطل بالإجماع فالملزوم مثله. وهكذا يدل على ذلك الآيات التي فيها


(١) المائدة:٣٧
(٢) المائدة:٣٧