والثاني: كثرة استعمال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له. فمن المحال الباطل أن يستعمل النبي! من لا علم له. وهذا أكبر شهادة على العلم وسعته، فنظرنا في ذلك فوجدنا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد ولى أبا بكر الصلاة بحضرته طول علته، وجميع أكابر الصلاة حضور، كعمر وعلي وابن مسعود وأبي. . . . وهذا بخلاف استخلافه عليا إذا عزا، لأن ذلك على النساء وذوي الأعذار فقط فوجب ضرورة أن يكون أبو بكر أعلم الناس بالصلاة وشرائعها، وأعلم المذكورين ها وهي عمود الدين. ووجدناه استعمله على الصدقات. . . . واستعمل أبا بكر على الحج. . . . ثم وجدناه قد استعمله على البعوث ... وذلك يشير إلي صحة تقدم أبي بكر على علي وغيره في العلم، الصلاة، الزكاة، الحج وساواه في الجهاد. وأما الرواية والفتيا. قال ابن حزم في "الفصل " (٤/ ٢١٣): ولم يرو عن علي إلا خمسمائه، وستة وثمانون حديثا مسندة، يصح منها نحو خمسين حديثا وقد عاش بعد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أزيد من ثلاثين سنة. ونقل إلينا عن الصحابة رضي الله عنهم أضعاف ما رواه على رضي الله عنه. قال ابن حزم في "الفصل " (٤/ ٢١٤): ووجدنا مسند عائشة ألفي مسند ومائتي مسند وعشرة مسانيد وحديث أبي هريرة خمسة ألاف مسند وثلاثمائه مسند وأربعة وستون مسندا "، ولكل من- أبي هريرة وأنس وعمر - من الفتاوى أكثر من فتاوى على أو نحوها فبطل قول هذا الجاهل. وانظر تفصيل ذلك في " منهاج السنة " (٧/ ٥١٦ - ٥٢٤) لابن تيمية. و" الفصل " لابن حزم (٤/ ٢١٠ - ٢١٨). وانظر كتاب " الطليعة وهو مع رياض الجنة " ص ١٧٨ للشيخ مقبل بن هادي الوادعي.