للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإرشاد، لا على الوجوب، فإن صيغة الأمير وإن كانت ظاهرها في الأصل للوجوب لكنها قد وردت في موارد شرعية (١) لمعان كثيرة، منها الإرشاد فتصرفها عن ظاهرها إلي غيره، كما ذكره أهل الأصول (٢)، فيحمل الأمير هنا على ذلك. ولا شك في أرجحية طريق المؤمنين - عليه السلام - على غيره لتبحره في العلم، وكمالي ضبطه، واختصاصه بكمال المعرفة في استنباط الأحكام الشرعية، وزيادة علمه على غيره، كما ورد في الحديث عنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: " على أعلم الناس بالله، وأشد حبا لله، وتعظيما لأهل لا آله إلا الله " أخرجه أبو نعيم في المعرفة (٣).

قال ابن حجر في " المنح المكية في شرح آلهمزية " في قوله (٤): [وعلى صنو النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ


(١) الأول: الوجوب نحو قوله تعالي: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: ٧٨].
الثاني: للندب نحو قوله تعالي: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: ٣٣].
الثالث: كونها بمعنى " الإباحه " نحو قوله تعالي: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: ٢].
وقوله تعالي: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة: ١٠].
الرابع: كونها بمعنى الإرشاد نحو قوله تعالي: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: ٢٨٢].
والضابط في الإرشاد: أنه يرجع إلي مصالح الدنيا، بخلاف الندب، فإنه يرجع إلي مصالح الآخرة، وأيضا: الإرشاد لا ثواب فيه - والندب فيه الثواب.
وقد ذكر صاحب الكوكب المنير ما يقارب خمسا وثلاثين م! ت لصيغ الأمير.
انظر الكوكب المنير (٣/ ١١ - ٣٨) المستصفى (١/ ٤١٩)، نهاية السول (٢/ ١٧).
(٢) انظر: جمع الجوامع (١/ ٣٧٢) وأصول السرخسي (١/ ١٤) والإحكام للآمدي (٢/ ١٤٢).
(٣) لم أجده في " المعرفة " لأبي نعيم بل عزاه صاحب الكنز (١١/ ٦١٥) لأبي نعيم بلفظ " علي بن أبي طالب أعلم الناس بالله وأشد الناس، حبا وتعظيما لأهل لا آله إلا الله " والذي وجدته في " الحلية " (١/ ٧٤): عن على قال: " أنصح الناس وأعلمهم بالله أشد الماس حبا وتعظيما لحرمة لا آله إلا الله " بسند ضعيف جدا.
(٤) في المخطوط هنا بياض، ثم بيت شعر تام من الخفيف " مدور ".
والتصويب من كتاب " المنح المكية ي شرح آلهمزية " وهو مخطوط.