للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بها فردا منها ليس من دأب المنصفين، وأورد بعضهم - على القائلين [٣] بأن عليا - عليه السلام - وصى رسول الله - سؤالا فقال: إن كانت الوصاية إخباره. بما لم يخبر به غيره من الملاحم ونحوها فقد شاركه في ذلك حذيفة (١) - رضي الله عنه -، فإنه خصه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -. بمعرفة المنافقين، واختصه بعلم الفتن، وأن حملت على الوصاية بالعرب كما ذكر الطبري (٢) فقد أوصى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - المهاجرين بالأنصار، وأوصى أصحابه بأصحابه. وأنت تعلم أنا لم نقصر على الإخبار ولا على الوصية بالعرب، ولم نتعرض للتفضيل، بل قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: إنه وصيه، فقلنا: إنه وصيه، فلا يرد علينا شيء من ذلك.

(تنبيه): أعلم أن جماعة من المتعصبين على الشيعة عدوا قولهم أن عليا - عليه السلام - وصي لرسول الله من خرافاتهم، وهذا إفراط وتعنت يأباه الإنصاف، وكيف يكون الأمير كذلك وقد قال بذلك جماعة من الصحابة كما ثبت في الصحيحين (٣) أن جماعة على ذكروا عند عائشة أن عليا وصي، وكما ثبت في غيرهما. واشتهر الخلاف بينهم في المسألة، وسارت به الركبان، ولعلهم تلقنوا قول عائشة في أوائل الطلب، وكبر في صدورهم حتى ظنوه مكتوبا في اللوح المحفوظ، وسدوا آذاكم عن سماع ما عداه، وجعلوه كالدليل القاطع، وهكذا فليكن الإعتساف والتنكب عن مسالك الإنصاف، وليس هذا بغريب بين أرباب المذاهب، فإن كل طائفة في الغالب لا تقيم لصاحبتها وزنا، ولا تفتح لدليلها، وإن كان في أعلى رتبة الصحة إذنا إلا من عصم الله، وقليل ما هم. وقد اكتفينا هذا المقدار من الأدلة الدالة على المراد، وإن كان المقام محتملا للإكثار، ولكثير الأخبار والآثار، فمن رام الاستيفاء فليراجع الكتب المصنفة في مناقب


(١) تقدم في رسالة " هل خص النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهل البيت بشيء من العلم " (ص ٩٠٣).
(٢) تقدم آنفا.
(٣) تقدم آنفا.