للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مرادي {تعلم ما في نفسي} (١) يعني هل كان ما اعتقده مرادي فيما بلغت ذلك إليهم من ظهور الحقيقة الإلهية أم كان مرادي بخلاف ذلك {ولا أعلم ما في نفسك} (٢) يعني بلغت ذلك إليهم ولا أعلم ما في نفسك من أن تضلهم عن الهدى فلو كنت أعلم ذلك لما بلغت إليهم شيا مما يضلهم {إنك أنت علام الغيوب} (٣) وأنا لا أعلم الغيوب فاعذرني {ما قلت لهم إلا ما أمرتني به} (٤) مما وجدت نفسي فبلغت الأمر ونصحتهم ليجدوا إليك في أنفسهم سبيلا فما ظهرت لهم الحقيقة الإلهية في ذلك ليظهر لهم ما في أنفسهم وما كان قولي لهم إلا {أن اعبدوا الله ربي وربكم} (٥) ولم أخصص نفسي بالحقيقة الإلهية بل أطلقت ذلك في جميعهم فأعلمتهم بأنه كما أنك ربي يعني حقيقتي، إنك ربهم يعني حقيقتهم.

وكان العلم الذي جاء به عيسى زيادة على ما في التوراة هو سر الربوبية والقدرة فأظهره ولهذا كفر قومه لأن إفشاء سر الربوبية كفر. انتهى

انظر عدو الله كيف لم يقنع بتصريحه بالوحدة حتى تلعب بكلام الله هذا التلعب ثم لم يكفيه ذلك حتى جزم بأن إفشاء سر الربوبية كفر وعيسى عليه السلام [١٤] قد أفشى سر الربوبية بزعمه فيكون- وصانه الله- كافرا عنده، لأنه ينتظم من شكل هكذا: عيسى مفش لسر الربوبية وكل مفش لسر الربوبية كافر فعيسى كافر. إنا لله وإنا إليه راجعون .. أيها الناس أسدت أسماعكم أم عميت قلوبكم عن فهم مثل هذا الكلام الذي لا يلتبس على أدنى متمسك بنصيب من العقل والفهم حتى جعلتم هذا المخذول من أولياء الله؟ واعلم أنا لم نسمع بأحد قبل ابن عربي بلغ في إفشاء هذا السر الذي جعل إفشاءه كفرا فبلغه حتى ألف في ذلك الكتب المطولة كالفتوحات والفصوص وسننصفه ونحكم عليه بقوله فنقول: ابن عربي مفش لهذا السر وكل مفش لهذا السر كافر فابن عربي كافر.


(١) [المائدة: ١١٦]
(٢) [المائدة: ١١٦]
(٣) [المائدة: ١١٦]
(٤) [المائدة: ١١٧]
(٥) [المائدة: ١١٧]