للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما الأولى فإن أنكرتها فهذه كتبه في أيدي الناس تكذبك، وأما الثانية فهذا نصه قد أطلعناك عليه.

وفي الباب الثاني والثلاثين من الفتوحات بعد كلام طويل قال في أخره: {ما قلت لهم إلا ما أمرتني به} (١) على سبيل الاعتذار لقومه يعني أنص المرسل إليهم بذلك الكلام أوله باسم الأب والأم والابن فلما بلغهم كلامك حملوه على ما ظهر لهم من كلامك فلا تلمهم على ذلك؛ لأنهم فيه على ما علموا من كلامك فكان شركهم عين التوحيد لأنهم فعلوا ما عملوا بالإخبار الإلهي في أنفسهم فهم كمثل المجتهد الذي اجتهد وأخطأ فله أجر الاجتهاد ... انتهى.

انظر إلى تصويبه (٢) للنصارى في التثليث وإثباته الأجر لهم أين هو من قول ربك جل وعلا: {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة} (٣) واختر لسك ما شئت. قال في الباب الثالث والأربعين من الفتوحات في ذكر أهل النار: وقد حقت الكلمة أنهم عمار تلك الدار فنجعل الحكم للرحمة التي وسعت كل شيء فأعطاهم في جهنم نعيم المقرور والمحرور لأن نعيم المقرور بوجود النار ونعيم المحرور بوجود الزمهرير فتبقى جهنم على صورتها ذات حرور وزمهرير ويبقى أهلها متنعمين فيها بحرورها وزمهريرها إلى آخر كلامه.

وقال في الباب الرابع والخمسين ومائه: إنهم يتضررون برائحة الجنة ونظم هذا المعنى في الفصوص (٤) فقال:


(١) [المائدة: ١١٧]
(٢) انظر: بغية المرثاد (ص ٣٩٦) وما بعدها.
ودرء تعارض العقل والنقل (٦/ ١٥٦ - ١٥٧).
(٣) [المائدة: ٧٣]
(٤) (ص ٩٣ - ٩٤).
الجنة عند الصوفي: هي عرفان المرء بنفسه، ليدرك هذه المعرفة أنه هو الله وهذا ما يفسرون به الحديث الموضوع: " من عرف نفسه فقد عرف ربه ".
والجحيم عندهم: هو ما يغيم على النفس من أوهام الكثرة، فتخدعها عن الحقيقة فتظن المغايرة بين الخلق والحق، وهذا الظن هو الجحيم".
انظر: مصرع التصوف/ برهان الدين البقاعي (ص ٧٥).