المغرورين إن كنت لا تنظر إلى المقال بل إلى من قال. وإلا فالأمر أوضح من أن يستشهد على بطلانه بأقوال الرجال.
وإذا قد تبين لك حال هذا الرجل فاسمع ما قاله معاصره ابن الفارض شاعر هذه الطائفة وأديبها ومقدمها فإنك إن تدبرته وجدته قد سلك في نظمه الطريقة التي سلكها ابن عربي في مؤلفاته حذو النعل بالنعل ولهذا حكى المقريزي في ترجمة ابن الفارض أن ابن عربي بعث إليه يستأذنه في شرح التائية فقال له: كتابك الفتوح شرح لها فمن ذلك قوله:
[دين ابن الفارض]
وشكري [له] (١) والبر مني واصل ... إلى نفسي باتحادي استبدت
ولم أله باللاهوت عن حكم مظهري ... ولم أنس بالناسوت مظهر حكمتي
إلي رسولا كنت مني مرسلا ... وذاتي بآياتي على العمر أستدلت
وفارق ضلال الفرق فالجمع منتج ... هدى فرقه بالإتحاد تحدت
وجل في فنون الإتحاد ولا تحد ... إلى فئة في غيره العمر أفنت [١٩]
فمت بمعناه وعش فيه أو فمت ... معناه واتبع أمة فيه أمت
وأنت بهذا المجد أجدر من أخي ... ... اجتهاد مجد عن رجاء وخيفة
تدبر قوله: وفارق ضلال الفرق فإنه قد جعل الفرق بين المخلوق والخالق ضلال فضلل الشقي جميع الأنبياء والملائكة بل جميع الإنس والجن وهكذا فليكن الولي المقرب. ومن أبياته التائية قوله:
مظاهر لي فيها بدوت ولم أكن ... على بخاف قبل موطن برزتي
فلفظ وكلى بي لسان محدث ... ولحظ وكلط في عين لعبرة
وسمع وكلي بالنداء أسمع النداء ... وكلى في رد الردى يدقوتي
(١) في المخطوط [لي] وما أثبتناه من التائية.