للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

((قلت: هذا وهم من الشوكاني، والظاهر أن الأول هو قول السلف وليس المشبهة كما زعم، فإن مذهب السلف إثبات الصفات وإجراؤها على ظواهرها من غير تأويل ولا تشبيه، وتفويض كنهها وكيفيتها إلى الله تعالى، كما قرره- رحمه الله- قي رسالته "التحف".

أما الثاني: فهو قول المفوضة أو القريب منه، وليس قول السلف كما زعم، لأن السلف لا يقولون أن لها تأويلا، ولكنا نمسك عنه، بل يثبتون معناها من غير تصور المشابهة ولا تمثيل، وأما ما نقله عن ابن برهان فهو باطل، لأنه لم يرد حرف واحد في التأويل المعروف عندهم عن السلف، وكل ما نقل فهو كذب واختراع (١).

والشوكاني- رحمه الله- نقل هذا الكلام ولم يعقب عليه، وكأنه مقبول عنده، وهو مردود. وهكذا لكل عالم زلة ولكل جواد كبوة، والعصمة لله- سبحانه- ولمن عصمه من الأنبياء والمرسلين)) (٢) اهـ.

أما موقف الإمام الشوكاني- رحمه الله- من مسألة خلق القرآن، فقد ذهب مذهب الواقفية، فلم يجزم برأي هل هو مخلوق أم غير مخلوق:

قال الشوكاني في "فتح القدير" (٣) ((وهذه المسألة: أي قدم القرآن وحدوثه قد ابتلي بها كثير من أهل العلم والفضل في الدولة المأمونية، والمعتصمية، والواثقية، وجرى للإمام أحمد بن حنبل ما جرى من الضرب الشديد؛ والحبس الطويل، وضرب بسببها عنق محمد بن نصر الخزاعي (٤) وصارت فتنة عظيمة في ذلك الوقت وما بعده، والقصة


(١) انظر " مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية " (٥/ ٩٠) و
(٦/ ٣٩٤). وذم التأويل لابن قدامة ص ٤٠ تحقيق الأخ بدر البدر.
(٢) " منهج الإمام الشوكاني في العقيدة " (١/ ٤٧١ - ٤٧٣).
(٣) (٣/ ٣٩٧)
(٤) هكذا في الأصل: ولعل الصواب: أحمد بن نصر الخزاعي، أبو عبد الله. انظر " تاريخ بغداد " (٥/ ١٣٧).