ثم قال ابن جرير: وقرأ ذلك آخرون: {وانظر إلى العظام كيف ننشزها} بضم النون، قالوا من قول القائل: أنشر الله الموتى فهو ينشرهم إنشارا. وذلك قراءة عامة قراء أهل المدينة،. بمعنى: وانظر إلى العظام كيف نحيها ثم نكسوها لحما. وأخرج ابن جرير في " جامع البيان " (٣ ج ٣/ ٤٤) عن مجاهد (محيص ننشزها) قال: نظر إليها حين يحييها الله. . قال ابن جرير في جامع البيان (٣ ج ٣/ ٤٤): والقول في ذلك عندي أن معنى الإنشار، ومعنى الإنشاز، متقاربان، لأن معنى الإنشاز: التركيب والإثبات، ورد العظام من العظام، وإعادتها لا شك أنه ردها إلى أماكنها ومواضعها من الجسد بعد مفارقتها إياها، مهما وإن اختلفا في اللفظ، فمتقاربا الم! ت، وقد جاءت بالقراءة هما الأمة مجيئا يقطع العذر ويوجب الحجة فبأيهما قرأ القارئ فمصيب لانقياد معنييهما، ولا حجة توجب لأحدهما من القضاء بالصواب على الأخرى. . وإن ظن ظان أن الإنشار إدا كان إحياء فهو بالصواب أولى، لأن المأمور بالنظر إلى العظام وهي تنشر إنما أمر به ليرى عيانا ما أنكره بقوله {أنى يحيي هذه الله بعد موتها} فإن إحياء العظام لا شك في هذا الموضع إنما عني به ردها إلى أماكنها من جسد المنظور إليه، وهو يحيا، لا إعادة الروح التي كانت فارقتها عند الممات، والذي يدل على ذلك قوله {ثم نكسوها لحما} ولا شك أن الروح إنما نفخت قي العظام التي أنشرت بعد أن كسبت اللحم. وإذا كان دلك كذلك، وكان معنى الإنشاز تركيب العظام وردها إلى أماكنها من الجسد، وكان ذلك معنى الانشار، كان معلوما استواء معنييهما، وأنهما متفقا المعنى لا مختلفاه، ففي ذلك إبانة عن صحة ما قلنا فيه. وأما القراءة الثالثة فغير جائزة القراءة بها عندي وهى قراءة من قرأ {كيف ننشزها} بفتح النون وبالراء لشذوذها عن قراءة المسلمين وخروجها عن الصحيح من كلام العرب.