للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- الجواب لشيخ الإسلام- رحمه الله-

أحمدك لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، وأصلى وأسلم على رسولك وال رسولك، وبعد: فإنه وقفص الحقير على هذا الروض الأريض (١)، والديبلج النضير، وطلب منط من لا تسعني مخالفته إمعان النظر في تحقيق الحق في شأن الاستثناء المذكور في الآية الكريمة، وها أنا أقدم في ذلك مقدمة تنبني عليها معرفة صوب الصواب، وينكشف بعد تحقيقها عن وجه الإشكال كل جلباب، فأقول: ما شرعه الله لعباده، وجعله حلالا طلقا، فلا ريب أنه يحبه، والمراد من هذه المحبة ما هو مقابل للبغضاء، وسواء كان ذلك الحب مطلقا عن قيد وجوب وندب، أو مقيدا هما، إلا أن المقيد أحب، ولا ينافي ذلك كون المطلق محبوبا لا لغة، ولا شرعا، ولا عرفا. وقد تقرر أن المفضل والمفضل عليه يشتركان في أصل الفضل، فإذا قلت: زيد أفضل من عمرو فقد دل هذا التركيب على آنا عمرا فاضل، فكيف يدعي عارف بالقوانين العلمية أن هذا التركيب يدل على نفى الفضل عن المفضل عليه!.

نعم، وإذا نددت صورة فيها دلالة على عدم المشاركة كما وقع في الأمثلة النحوية، فذلك مجاز يحتاج إلى علاقة وقرينة، ونادر غاية الندور لا ينبغي الحمل عليه عند النزاع، وهذا لا يخالف فيه مخالف، إذا تقرر هذا فالذي في الآية الكريمة نفي: محبة الجهر بالسوء من القول، وجميع تلك التفاسير يصح إدراجها تحت عموم الآية، لأن الفعل المنفي يتضمن النكرة والنكرة في سياق النفي (٢) من صيغ العموم، وكذلك النفي (٣) والاستثناء، ثم إنه


(١) من أرض: أرضت الأرض تأرض أرضا إذا خصبت وزكا نباتها وأرض أريضة أي معجبة. كثيرة العشب.
لسان العرب (١/ ١١٩).
(٢) نعم النكرة في سياق النفي من صيغ العموم.
انظر: الكوكب المنير (١٣/ ١٣٨ - ١٣٩)، نهاية السول (٢/ ٨٠).
(٣) انظر الكوكب المنير (٣/ ٢٨١).