للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعالى أثبت المحبة لنوع من أنواع الجهر بالسوء؟ وهو جهر المظلوم، لأنه شرع له ذلك، وكل ما شرعه وحلله لعباده محبوب له، وليس. بمبغوض فيقال: جهر المظلوم بالسوء شرعه الله، وكل ما شرعه الله حلال، فجهر المظلوم حلال، ثم يقال: جهر المظلوم حلال، وكل حلال يحبه الله، فجهر المظلوم يحبه الله، وكونه محبوبا له لا ينافي كون غيره أحب منه مثلا، وهو العفو، فإنا لا ننازع في أنه أجب إنما ننازع في كونه أحب لا يستلزم أن غيره مبغوض، بل صيغة التفضيل دالة على أن المفضل عليه محبوب. إذا عرفت هذا فاعلم أن الاستدراك من المقبلي- رحمه الله- على كلام الزمخشري (١) إنما نشأ من التباس الأحب بالمحبوب، فتصور الأحب، وحكم على المحبوب بالمكروه ذهولا منه عن كونه تعالى يحب إتيان الحلال، كما يبغض إتيان الحرام، كما ورد في الحديث الصحيح (٢): " أيأتي أحدنا شهوته- يا رسول الله- ثم يؤجر عليها؟ فقال: أرأيت لو وضعها في حرام " بم فإنه هاهنا وقع الأجر له مجرد إتيان الحلال، وكم لها من نظائر نحو الكسب (٣) على النفس من الحلال جهاد، وإنفاقه (٤) على الأقارب صدقة، ومن يتتبع القرآن والسنة وجد من هذا الكثير الطيب، فمن قال فلان ظلمني، أو نحو ذلك فقد فعل ما أحفه الله له بنص القران، وكل حلال محبوب إلى الله وإن كان العفو أحب إليه، ولهذا لم يرض ع! من الصديق- رجمته- إلا. مما يلائم رفيع قدره، وهو إتيان الأحب، وهو العفو دون المحبوب، وهو الانتصاف لأن حسنات ......................


(١) في الكشاف (٢/ ١٦٩ - ١٧٠).
(٢) أخرجه مسلم ي صحيحه رقم (٥٣/ ١٠٠٦) من حديث أبي ذر.
(٣) انظر: " الترغيب والترهيب " للمنذري (٢/ ٥١٠ - ٥١٤): " الترغيب في الاكتساب بالبيع وغيره " رقم الحديث: (٢٥٠٦، ٢٥٥٧، ٢٥٥٨، ٢٥٠٩، ٢٥١٥، ٢٥١١، ٢٥١٢، ٢٥١٣، ٢٥١٤، ٢٥١٥، ٢٥١٦).
(٤) انظر " الترغيب والترهيب " للمنذري (١/ ٦٨١ - ٦٨٣): " الترغيب في الصدقة على الزوج والأقارب وتقديمهم على غيرهم " رقم الحديث (١٣٥٩، ١٣١٠، ١٣١١، ١٣١٢، ١٣١٣).