للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

أقول بعد حمد الله، والصلاة والسلام على رسوله واله:

إن وجه الإشكال في هذه الآية الكريمة هو أن عدم الإيمان السابق (١) يستلزم عدم كسب الخير فيه بلا شك ولا شبهة، إذ لا خير لمن لا إيمان له، فيكون، على هذا ذكره تكرارا عن كان حرف التخيير على بابه من دون تأويل، وأيضا عدم الإيمان [٣ب] مستقل في إيجابه للخلود في النار، فيكون ذكر عدم الباب لغوا، وكذلك وجود الإيمان مع كسب خير فيه مستقل في إيجابه للخلوص عن النار، وعدم الخلود فيها، فيكون ذكر الأول أعني الإيمان مجرده لغوا، فهذا وجه الإشكال في الآية باعتبار حرف التخير المقتضى لكفاية أحد الأمرين على انفراده، وقد ذكروا في التخلص عن هذا الإشكال وجوها: أحدها: أنه يتحقق النفع بأيهما كان، ولا يخفاك أن هذا تدفعه الأدلة الواردة لعدم الانتفاع بالإيمان من دون عمل.

والوجه الثاني: أنه لا ينفع إلا تحقق الأمرين (٢) جميعا: الإيمان وكسب الخير فيه، وهذا أيضًا يدفعه المعنى العربي والإعرابي، فإنه لو كان هو المراد لقال لم تكن أمنت من قبل وكسبت في إيمانها خيرا.

الوجه الثالث: أن ذكر الشق الثاني من شقي الترديد لقصد بيان النفع الزائد، ويجزي الأفضل والأكمل، وهذا إيضاحه خروج عما يوجبه معنى الترديد الذي يقتضيه حرفه الموضوع له (٣). الوجه الرابع: أن إيراد الكلام مرددا على هذه الصفة (٤) المقصود به التعريض بحال


(١) انظر: " روح المعاني " (٨/ ٦٦).
(٢) عزاه الألوسي في " روح المعاني " لأبي الكمال: وتعقمه الألوسي بقوله: فكلام هذا العلامة لا يخلو من نظر.
(٣) انظر: روح المعاني (٨/ ٦٦).
(٤) المصدر السابق. ونظم الدرر (٧/ ٣٣٢ - ٣٣٣).