للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكفار المفرطين في الأمرين جميعا، وهذا أيضًا خروج عن مقصود الآية بتأويل بعيد جدا لم يدل عليه دليل.

الوجه الخامس: إن الآية من باب اللف (١) التقديري، أي لا ينتفع نفسا إيمانها ولا كسبها في الإيمان لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا، ورد بأن مبنى الفف التقديري على أن يكون المقدر من متممات الكلام ومقتضيات المقام، فترك ذكره تعويلا على دلالة الملفوظ عليه واقتضائه إياه ما ليس هذا من ذاك.

الوجه السادس: أفما معا شرطان في النفع، وأن العدول إلى هذه العبارة لقصد المبالغة في شأن كل واحد منهما بأنه صاع للاستقلال بالنفع في الجملة. ولا يخفى أن هذا مجرد دعوى لا دليل عليها، وإخراج للترديد عن مفاده الذي تقتضيه اللغة.

الوجه السابع: أن ظاهر الآية المقتضي لمجرد نفع الإيمان (٢) المجرد معارض بالأدلة/ الصحيحة الثابتة كما جاء في السنة أنه لا ينفع الإيمان إلا مع العمل، وهذا هو الوجه القوي، والتقدير السوي، والاستدلال الواضح الراجح لسلامته عن التكلفات والتعسفات في معنى الآية، وعن الائتمار لما فيها من الترديد الواضح بين شقي الإيمان المجرد، والإيمان مع العمل. ولا ينافي هذا ما ورد من الأدلة الدالة على نفع الإيمان المجرد، فإنها مقيدة بالأدلة الدالة على وجوب العمل. مما شرعه الله لعباده من أصول الشرائع وفروعها، فاشدد يديك على هذا، ولا تلتفت إلى ما وقع من التدقيقات الزائفة، والدعاوي الداحضة، فإن ذلك لا حامل عليه، ولا موجب له إلا المحاماة على المذاهب ونصوصها، وجعل نصوص الله- سبحانه- تابعة لها، وتأويل ما جاء أهلها حتى كأنها هي الشريعة المحكمة التي يرد إليها كتاب الله وسنة رسوله.


(١) ذكره صاحب " الدر المصون " (٥/ ٢٣٤ - ٢٣٥) و" روح المعاني " (٦٦/ ٨).
(٢) انظر: " فضل لا إله إلا الله " للإمام يوسف بن حسن بن عبد الهادي المقدسي الحنبلي. ونواقض الإيمان القولية والعملية. الدكتور عبد العزيز لن محمد بن لحط العبد اللطف.