للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المفعول الأول، أو المضاف إلى المفعول الثاني. وقد وافق على ذلك جماعة من المفسرين المحققين، منهم البيضاوي (١)، ومحمد بن جزئ الكلبي الأندلسي في تفسيره المسمى: كتاب التسهيل (٢) لعلوم التنزيل، والحافظ أبو البركات عبد الله بن أحمد بن محمد النسفي في تفسيره المسمى: مدارك التنزيل (٣) وحقائق التأويل، والقاضي أبو السعود في تفسيره المسمى: إرشاد العقل (٤) السليم إلى مزايا الكتاب الكريم، والمحقق النيسابوري في تفسيره (٥) المشهور، وغير هؤلاء. ولكنه زاد أبو السعود (٤) وجها فقال: وقدره أي قدر له، وهيأ منازل، وهذا يفيد أن التقدير واقع على المنازل على كل حال، وأن القمر مقدر له لا مقدر باعتبار ذاته ولا سيره، ولا عرض من أعراضه، وفيه ما قدمنا من أن الفعل يتعدى بنفسه إلى المفعولين. ثم قال أبو السعود: وقدر مسيره منازل، أو قدره ذا منازل على تضمين التقدير معنى التصيير انتهى، وأما ما ذكره السائل - كثر الله فوائده- من أن الحمل على نصب المفعول الثاني بنزع الخافض (٦) أظهر في معنى التعليل، ففيه شيء، لأن تقدير مسير القمر منازل (٧) ليقع العلم بعدد السنن


(١) في تفسير " أنوار التنزيل وأسرار التأويل " (٣/ ٨٦ - ٨٧) (وقدره منازل، الضمير لكل واحد أي قدر مسير كل واحد منهما منازل أو قدره ذا منازل أو للقمر وتخصيصه بالذكر لسرعة سيره ومعاينة منازله وإناطة أحكام الشرع به ولذلك علله بقوله: {لتعلموا عدد السنين والحساب}، حساب الأوقات من الأشهر والأيام في معاملاتكم وتصرفاتكم.
(٢) (٢/ ٨٩)
(٣) (٢/ ٧)
(٤) (٢/ ٦٢١) بتحقيقنا.
(٥) " غرائب القرآن ورغائب الفرقان " لنظام الدين الحسن بن محمد بن الحسين القمي النيسابوري (١١/ ٥٦).
(٦) تقدم ذكر ذلك.
(٧) قال الألوسي في تفسيره (١١/ ٦٩): {وقدره} أي قدر له وهيأ (منازل) أو قدر مسيره في منازل على الأول مفعول به وعلى الثاني نصب على الظرفية، وجوز أن يكون قدر. بمعنى جعل المتعدي لواحد و (منازل) حال من مفعول له أي جعله وحلقه متنقلا وإن يكون.
بمعنى جعل المتعدي
لاثنين أي صيره ذا منازل، وإيا ما كان فالضمير للقمر وتخصيصه إذا التقدير لسرعة سيره بالنسبة إلى الشمس ولأن منازله معلومة محسوسة ولكونه عمدة في تواريخ العرب ولأن أحكام الشرع منوطة له في الأكثر، وجوز أد يكون الضمير له وللشمس بتأويل كل منهما، والمنازل بثمانية وعشرون وهما الشرطان والبطن والثريا والدبران والهقعة والهنعة والذراع والنثرة والطرف والجبهة والزبرة والصرفة والعواء والسماك الأعزل والعفرة والزباني والإكليل والقلب والشولة والنعائم والبلدة وسعد الذالح وسعد بلع وسعد السعود وسعد الأخبية وفرع الدلو المقدم والفرغ المؤخر وبطن الحوت، وهي مقسمة على البروج الإثنى عشر المشهورة فيكون لكل برج منزلان وثلث، والبرج عندهم ثلاثون درجة حاصلة من قسمة ثلاثمائة وستين، جزاء دائرة البروج على اثني عشر، والدرجة منقسمة عندهم بستين دقيقة وهي منقسمة بستين ثانية وهى منقسمة بستين ثالثة .... ".