لم يكن - صلى الله عليه وسلم - يدع قيام الليل حضرًا ولا سفرًا، وكان قيامه - صلى الله عليه وسلم -، بالليل إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة، وكان - صلى الله عليه وسلم - يصلي أول الليل أربع ركعات أو ست ركعات ثم يأوي إلى فراشه، وكان إذا استيقظ بدأ بالسواك ثم يذكر الله ويقول عند استيقاظه:«الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور» ثم يتطهر، ثم يصلي ركعتين خفيفتين، وكان - صلى الله عليه وسلم - يقوم تارة إذا انتصف الليل، أو قبله بقليل، أو بعده بقليل، وربما كان يقوم إذا سمع الصارخ -وهو الديك- وهو إنما يصيح في النصف الثاني، كان يقطع ورده تارة، ويصله تارة وهو الأكثر.
قيامه بالليل ووتره أنواع فمنها:
النوع الأول: أنه - صلى الله عليه وسلم - يقطع ورده تارة ويصله تارة كما قال ابن عباس في حديث بيته عنده، أنه - صلى الله عليه وسلم - استيقظ فتسوك، وتوضأ، وهو يقول:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ}[سورة آل عمران، الآية: ١٩٠]، فقرأ هؤلاء الآيات حتى ختم السورة، ثم قام فصلى ركعتين أطال فيهما القيام والركوع والسجود، ثم انصرف، فنام حتى نفخ ثم فعل ذلك ثلاث مرات بست ركعات، كل ذلك يستاك ويتوضأ، ويقرأ هؤلاء الآيات، ثم أوتر بثلاث فأذن المؤذن، فخرج إلى الصلاة وهو يقول: «اللهم اجعل في قلبي نورًا، وفي لساني نورًا، واجعل في سمعي نورًا، واجعل في بصري نورًا، واجعل من خلفي نورًا، ومن