شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار" فانظر إلى مصيبتك في مثل هذا اليوم إذ ليس يسلم لك حسنة من آفات الرياء ومكايد الشيطان، فإن سلمت حسنة واحدة من مدة طويلة ابتدرها خصماؤك وأخذوها، ولعلك لو حاسبت نفسك وأنت مواظب على صيام النهار، وقيام الليل، لعلمت أنه لا ينقضي عنك يوم إلا ويجري على لسانك من غيبة المسلمين ما يستوفي جميع حسناتك!
فكيف ببقية السيئات من أكل الحرام والشبهات والتقصير في الطاعات؟ وكيف ترجو الخلاص من المظالم في يوم يقتص فيه الجماء من القرناء؟ فقد روي أبو ذر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى شاتين ينتطحان فقال: "يا أبا ذر أتدري فيم ينتطحان؟ " قلت: لا، قال: "ولكن الله يدري وسيقضي بينهما يوم القيامة".
وقال أبو هريرة في قوله عز وجل:{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ}[الأنعام: ٣٨] أنه يحشر الخلق كلهم يوم القيامة البهائم والدواب والطير وكل شيء فيبلغ من عدل الله تعالى أن يأخذ للجماء من القرناء، ثم يقول كوني ترابا، فذلك يقول الكافر يا ليتني كنت ترابا، فكنت أنت يا مسكين في يوم ترى صحيفتك خالية من حسنات طال فيها تعبك