للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالرجل الذي قال لأهله: إذا مت فحرقوني واسحقوني في اليم، فإن الله لو قدر علي ليعذبني عذابا لا يعذبه أحدا من العالمين (١) هذا الرجل ظاهر عقيدته الكفر والشك في قدرة الله، لكن الله لما جمعه وخاطبه قال: يا رب إني خشيت منك أو كلمة نحوها، فغفر له، فصار هذا الفعل منه تأويلا (٢).

ومثل ذلك الرجل الذي غلبه الفرح، وأخذ بناقته قائلا: اللهم أنت عبدي وأنا ربك (٣) كلمة كفر، لكن هذا القائل لا يكفر؛ لأنه مغلوب عليه، فمن شدة الفرح أخطأ، أراد أن يقول: اللهم أنت ربي وأنا عبدك، فقال: اللهم أنت عبدي وأنا ربك!

والمكره يكره على الكفر فيقول كلمة الكفر، أو يفعل فعل الكفر، ولكن لا يكفر بنص القرآن (٤) لأنه غير مريد، وغير مختار.

وهؤلاء الحكام، نحن نعرف أنهم في المسائل الشخصية - كالنكاح والفرائض وما أشبهها - يحكمون بما دل عليه القرآن على اختلاف المذاهب، وأما في الحكم بين الناس فيختلفون .. ولهم شبهة يوردها لهم بعض علماء السوء، يقولون: إن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " أنتم أعلم بأمور


(١) أخرجه البخاري رقم (٣٢٩١)، ومسلم برقم (٢٧٥٤) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
(٢) أي غير مقصود له، ولا مراد منه.
(٣) أخرجه البخاري برقم (٦٣٠٩)، ومسلم برقم (٢٧٤٧) عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
(٤) وذلك في قوله تعالى: (من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) [سورة النحل، الآية: ١٠٦].

<<  <   >  >>