للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[مقدمة الطبعة الثانية]

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

أحمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات؛ على ما يسر ووفق لهذا الكتاب من الرواج الكبير، والانتشار العريض، وما كنت أظن أن يبلغ هذا الكتاب ما بلغ؛ حتى توافرت عليه الثناءات، وأطبقت لحسنه الجماعات، وما ذاك إلا لتوفيق الله أولا، ثم لمتانة ما فيه من فقه علمائنا، ولاة أمرنا، "أئمة الأنام، وزوامل الإسلام، الذين حفظوا على الأمة معاقد الدين ومعاقله، وحموا من التغيير والتكدير موارده ومناهله" (١) أمناء الشريعة، وعدول الأمة، "فقهاء الإسلام، ومن دارت الفتيا على أقوالهم بين الأنام، الذين خصوا باستنباط الأحكام، وعنوا بضبط الحلال من الحرام" (٢) فقد حوى كلامهم النصائح والدرر، ودار في فقه الحديث والسور، وحمل العلم النافع بأنواعه؛ حتى غدت علومهم، وجميل فهومهم؛ بلسما شافيا، ودواء ناجعا، لمن طلب السلامة، ورام الكرامة.

وهذا شأن الراسخين في العلم، الذين أفنوا فيه أزمانا وأعمارا، وحملوه يقينا واقتدارا، حتى غدوا كالجبل الأشم في وجه شبه الغالين والجافين، قال ابن القيم -رحمه الله-: "إن الراسخ في العلم لو وردت عليه من الشبه بعدد أمواج البحر؛ ما أزالت يقينه، ولا قدحت فيه شكا؛ لأنه


(١) "إعلام الموقعين عن رب العالمين" (١/ ٩).
(٢) "إعلام الموقعين عن رب العالمين" (١/ ٩).

<<  <   >  >>