للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مشايخ المسلمين، نعوذ بالله من الضلال بعد الهدى، والحور بعد الكور.

وقد بلغنا عنكم نحو من هذا، وخضتم في مسائل من هذا الباب، كالكلام في الموالاة والمعادات والمصالحة والمكاتبات، وبذل الأموال والهدايا، ونحو ذلك من مقالة أهل الشرك بالله والضلالات، والحكم بغير ما أنزل الله عند البوادي ونحوهم من الجفاة، لا يتكلم فيها إلا العلماء من ذوي الألباب ومن رزق الفهم عن الله وأوتي الحكمة وفصل الخطاب.

والكلام في هذا يتوقف على معرفة ما قدمناه، ومعرفة أصول عامة كلية لا يجوز الكلام في هذا الباب- وفي غيره- لمن جهلها وأعرض عنها وعن تفاصيلها فإن الإجمال والإطلاق وعدم العلم بمعرفة مواقع الخطاب وتفاصيله يحصل به من اللبس والخطأ وعدم الفقه عن الله ما يفسد الأديان، ويشتت الأذهان، ويحول بينها وبين فهم السنة والقرآن، قال ابن القيم في كافيته رحمه الله تعالى

فعليك بالتفصيل والتبيين ... فالإطلاق والإجمال دون بيان

قد أفسدا هذا الوجود وخبطا ... الأذهان والآراء كل زمان

وأما التكفير بهذه الأمور التي ظننتموها من مكفرات أهل الإسلام، فهذا مذهب الحرورية المارقين الخارجين على علي بن أبي طالب -أمير المؤمنين- ومن معه من الصحابة.

فإنهم أنكروا عليه تحكيم أبي موسى وعمرو بن العاص في الفتنة التي وقعت بينه وبين معاوية وأهل الشام، فأنكرت الخوارج عليه ذلك، وهم في الأصل من أصحابه من قراء الكوفة والبصرة، وقالوا:

<<  <   >  >>