للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض" (١)

وقوله: " من أتى كاهنا فصدقه، أو امرأة في دبرها فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم (٢)

فهذا من الكفر العلمي، وليس كالسجود للصنم، والاستهانة بالمصحف، وقتل النبي وسبه وإن كان الكل يطلق عليه الكفر.

وقد سمى الله سبحانه من عمل ببعض كتابه وترك العمل ببعضه، مؤمنا بما عمل به، وكافرا بما ترك العمل به، قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ} إلى قوله: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} الآية. فأخبر تعالى أنهم أقروا بميثاقه الذي أمرهم به والتزموه، وهذا يدل على تصديقهم به، وأخبر أنهم عصوا أمره، وقتل فريق منهم فريقا آخرين، وأخرجوهم من ديارهم، وهذا كفر بما أخذ عليهم. ثم أخبر أنهم يفدون من أسر من ذلك الفريق، وهذا إيمان منهم بما أخذ عليهم في الكتاب. وكانوا مؤمنين بما عملوا به من الميثاق، كافرين بما


(١) أخرجه البخاري في كتاب الفتن من "صحيحه" (١٣/ ٢٦) ومسلم في الإيمان رقم: (١١٩) عن ابن عمر.
(٢) أخرجه الترمذي في "سننه" بأبواب الطهارة: (١/ ٢٤٢ص -٢٤٣)، وابن ماجه: (١/ ٢٠٩)، بهذا اللفظ وأخرجه أبو داود في سننه (٤/ ٢٢٥ - ٢٢٦)، بلفظ: "برئ مما أنزل على محمد" كلهم من طريق حكيم الأثرم عن أبي تميمة الهجيمي عن أبي هريرة .. وقد صحح الحديث من المعاصرين الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي والشيخ الألباني في "الإرواء (٧/ ٦٨).

<<  <   >  >>