للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والله لغيظ، وإن فرقتهم لكفر" (١)

وقال ابن مفلح في "الآداب": قال حنبل: اجتمع فقهاء بغداد في ولاية الواثق إلى أبي عبد الله -يعني الإمام أحمد بن حنبل- رحمه الله تعالى وقالوا له: إن الأمر قد تفاقم وفشا -يعنون إظهار القول بخلق القرآن وغير ذلك- ولا نرضى بإمارته ولا سلطانه فناصرهم في ذلك، وقال: "عليكم بالإنكار في قلوبكم، ولا تخلعوا يدا من طاعة، لا تشقوا عصا المسلمين، ولا تسفكوا دماكم ودماء المسلمين معكم، وانظروا في عاقبة أمركم، واصبروا حتى يستريح بر، ويستراح من فاجر.

وقال: ليس هذا -يعني نزع أيديهم من طاعته- صوابا، هذا خلاف الآثار" (٢)

إذا فهم ما تقدم من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية وكلام العلماء المحققين في وجوب السمع والطاعة لولي الأمر، وتحريم منازعته والخروج عليه، وأن المصالح الدينية والدنيوية لا انتظام لها إلا بالإمامة والجماعة؛ تبين أن الخروج عن طاعة ولي الأمر، والافتيات عليه بغزو أو غيره معصية، ومشاقة لله ورسوله، ومخالفة لما عليه أهل السنة والجماعة.

وأما ما قد يقع من ولاة الأمور من المعاصي والمخالفات التي لا توجب الكفر والخروج من الإسلام؛ فالواجب فيها مناصحتهم على الوجه الشرعي برفق، واتباع ما كان عليه السلف الصالح من عدم التشنيع عليهم في


(١) "جامع العلوم والحكم" (٢/ ١١٧) انتهى.
(٢) "الآداب الشرعية" (١/ ١٣٧).

<<  <   >  >>