الحمد لله الذي شرع لنا ديناً قويماً، وهدانا صراطاً مستقيماً، وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيّه من خلقه وخليله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، فما ترك من خير يقربنا من الجنة إلا وأمرنا به، وما من شر يقربنا من النار إلا ونهانا عنه، فترك الأمة على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك.
اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه في الأولين والآخرين، والملأ الأعلى إلى يوم الدين.
أما بعد: أيها الإخوة الكرام الأحباب! نواصل الحديث مع المنظومة البيقونية باعتبارها المتمم للمصدر الثاني من مصادر التشريع: السنة، وقبل ذلك نورد أموراً عجيبة في هذا الزمن! أخ كريم فضلاً عما سمعت يخبرني: أنه اليوم يسمع في إذاعة القرآن صباحاً أن أحد من يتحدث فيها يقول: إن الملائكة ليس لهم أجنحة، وإنما الجناح أطلق على سبيل المجاز كقول الله تعالى:{وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ}[الإسراء:٢٤]، فليس للإنسان جناح، وإنما هي إشارة إلى التواضع، وعلى هذا فليس للملائكة أجنحة! فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون! يا عبد الله! أما قرأت أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى جبريل وله ستمائة جناح؟! أما علمت أن جبريل حمل قرى لوط على جزء من جناحه؟! أما سمعت قول الله:{جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ}[فاطر:١]؟! لكن الرويبضة نطق! وبالأمس أيضاً وأنا أستمع قدراً إذا بأحدهم يقول: ومن أسمائه صلى الله عليه وسلم طه ويس لما روى علي بن أبي طالب، ولا ندري من أين جاء بهذا الأثر وما صحته؟! واليوم في جريدة الجمهورية -مسألة خلافية نعم- استند كاتب دكتور إلى حديث استناداً غير صحيح:(من مر على قبور وقرأ: قل هو الله أحد كتب له بعدد المقابر حسنات)، فهذا الحديث رواه الدارقطني وضعفه كل علماء الحديث، فانظروا إلى هذه الفوضى التي نحن فيها، لذا ينبغي أن يتقوا الله عز وجل في دين الله، وأن يعلموا أن الناس منهم المقلّدة العوام، فقد يقول واحد منهم: هل أتبع كلام شيخي العزيز أم الدكتور؟! وانتبه إلى كلمة الدكتور فهي كبيرة قليلاً! وأقول: إن المسألة الآن تحتاج منا إلى جهد لنعلم الناس العلم الصحيح؛ لأنه قد أصبح كل واحد يقول ما يشاء، وإن قلت لأحدهم: فوائد البنوك حرام قال لك: أقدم فتواك أم فتوى مجمع البحوث؟! فمجمع البحوث أصدر فتوى بحلها وانتهى الأمر، وكما يقول المثل:(حطها في رقبة عالم واطلع سالم)، لن تخرج منها سالماً يا عبد الله! نحن الآن في الزمن الذي صوّره لنا النبي صلى الله عليه وسلم:(وسّد الأمر إلى غير أهله)، من المتحدث؟ لا أدري! نسأل الله العافية.