والإدراج على ثلاثة أنواع: النوع الأول: إدراج في أول المتن، ومثاله: ما رواه أبو هريرة عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ويل للأعقاب من النار)، والأعقاب: مؤخرة القدم؛ لأنها مظنة الإهمال والنسيان وعدم الغسل، فإذا بـ أبي هريرة يقول:(أسبغوا الوضوء، ويل للأعقاب من النار)، فزاد: أسبغوا الوضوء، فحينما نقول: قال صلى الله عليه وسلم: (أسبغوا الوضوء ويل للأعقاب من النار)، نقول: في الحديث إدراج في أول المتن، وهي: أسبغوا الوضوء، والذي بيّن أنها إدراج: رواية البخاري، قال البخاري: قال أبو هريرة رضي الله عنه: أسبغوا الوضوء فإني سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: (ويل للأعقاب من النار).
النوع الثاني: إدراج في وسط المتن، ومثاله: ما رواه البخاري من حديث الزهري عن عائشة: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحنث في غار حراء - وهو التعبد - الليالي ذوات العدد)، فلفظ (التعبد) من كلام الزهري أراد به أن يفسر التحنث، فهذا إدراج في وسط الحديث من الزهري أراد به أن يبين المعنى.
النوع الثالث: أن يكون الإدراج في آخر المتن، ومثاله: حديث أبي هريرة الذي رواه البخاري: (للعبد المملوك أجران)، هذا هو الحديث، فإذا بـ أبي هريرة يضيف: والذي نفسي بيده! لولا الجهاد في سبيل الله والحج وبر أمي لأحببت أن أموت وأنا مملوك، فهذا كله من كلام أبي هريرة، والذي يثبت أنه من كلام أبي هريرة قوله: بر أمي؛ لأن أمه ماتت قبل بعثته بكثير صلى الله عليه وسلم، فكون أبو هريرة يقول: لولا الجهاد في سبيل الله والحج وبر أمي لأحببت أن أموت وأنا مملوك، هذا كلام مدرج من أبي هريرة في آخر الحديث.
ومن الإدراج أيضاً في آخر المتن: إدراج ابن عمر قال: قال صلى الله عليه وسلم: (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)، وكان ابن عمر يقول: إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، فهذا قول ابن عمر وليس قول النبي عليه الصلاة والسلام، فهذا يسمى إدراجاً في آخر المتن؛ لأن قوله: وكان ابن عمر يقول، يبين أن القول لـ ابن عمر، فتبين أن هذا الكلام ليس بكلام النبي عليه الصلاة والسلام.
وهناك أمور لا بد أن نفقهها لأنها تصطدم مع نصوص ثابتة، فمثلاً: حديث: (بين قبري ومنبري روضة)، فلماذا نقول: إن لفظة (قبري) غير صحيحة؟ لأن الصحابة اختلفوا على مكان قبره، فلو كانوا يعلمون أين يدفن لما اختلفوا، فخلافهم حجة على أنه لم يقل: بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة، إذ أنهم ما علموا حين مات أين القبر؟ قال العلماء: وهذا يدل على أن الحديث غير صحيح فضلاً على أنه لا يدري أين سيموت، قال تعالى:{وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ}[لقمان:٣٤]، والصحابة اختلفوا أين يدفن، فلو كانوا يعلمون أنه قال: بين قبري ومنبري، إذاً لعرفوا أين القبر؛ لأنه حدد لهم أين القبر.