إلّا أنه لين القشر، واتخذت من بيضها عجة فلما جمد، صار الوأنا ما بين أخضر وأحمر وأصفر شبيها بالوان اللحم، ومن ذلك السرلينس، وهو صدف مستدير إلى الطول أكبر من الظفر ينشق عن رطوبة مخاطية بيضاء ذات نكتة سوداء يعافها الناظر وفيه ملوحة عذبة زعموا ويباع بالكيل.
الفصل الرابع في
اختصاص ما شوهد من آثارها القديمة
أما ما يوجد بمصر من الآثار القديمة فشيء لم أر ولم أسمع بمثله في مثلها فأقتصر على أعجب ما شاهدته.
فمن ذلك الأهرام، وقد أكثر الناس من ذِكرها ووصفها ومساحتها، وهي كثيرة العدد جدّا وكلّها بين الجيزة وعلى سمت مصر القديمة وتمتد في نحو مسافة يومين، وفي بوصير منها شيء كثير وبعضها كبار وبعضها صغار وبعضها طين ولبن وأكثرها حجر وبعضها مدرّج وأكثرها مخروط أملس، قد كان منها بالجيزة عدد كثير لكنها صغار فهدمت في زمن صلاح الدين، يوسف بن أيوب، على يدي قراقوش وكان خصيّا روميا سامي الهمة فكان يتولّى عمائر مصر، وهو الذي بنى السور من الحجارة محيطا بالفسطاط والقاهرة وما بينهما وبالقلعة التي على المقطّم، وهو أيضا الذي بنى القلعة وأنبط فيها البيرين الموجودتين اليوم، وهما أيضا من العجائب وينزل إليهما بدرج نحو ثلثمائة درجة، وأخذ حجارة هذه الأهرام الصغار وبنى بها القناطر الموجودة اليوم بالجيزة، وهذه القناطر من الأبنية العجيبة أيضا ومن أعمال الجبارين وتكون نيفا وأربعين قنطرة، وفي هذه السنة
وهي سنة سبع وتسعين وخمسمائة تولى أمرها من لا بصيرة عنده فسدها رجاء أن يحتبس الماء فيروي الجيزة، فقويت عليها جرية الماء فزلزلت منها ثلاث قناطر وانشقت، ومع ذلك فلم يرو ما رجا أن يروي، وقد بقي من هذه الأهرام المهدومة قلبها وحشوتها وهي ردم وحجارة صغار لا تصلح للقناطر، فلأجل ذلك تركت.
وأما الأهرام المتحدث عنها المشار إليها الموصوفة بالعظم، فثلاثة أهرام موضوعة على خط مستقيم بالجيزة قبالة الفسطاط، وبينها مسافات يسيرة زواياها متقابلة نحو الشرق واثنان منها عظيمان جدا وفي قدر واحد وبهما أولع الشعراء وشبهوهما بنهدين