للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تتمة

في الأمثلة التي يحتج بها أصحاب هذه الأقوال أو بعضهم

وتحقيق معناها

الأول: قوله تعالى: {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً} [يوسف: ٤٠].

وهذه الآية من جملة ما قصه الله تعالى من محاورة يوسف عليه السلام لصاحبي السجن، وهما من المصريين، والقوم ــ كما دللت عليه في رسالة "العبادة" (١) ــ كانوا يعتقدون وجود ذوات علوية، ينعتونها بنعوت غير نعوت الملائكة، ثم سمَّوها بأسماء اخترعوها، وكانوا يدعونها بتلك الأسماء، ويتضرَّعون إليها.

فبيَّن يوسف عليه السلام أنَّ ما توهموه من وجود ذواتٍ بالصفة التي يزعمون لا حقيقة له، وأنه لا يوجد من تلك الذوات إلا أسماؤها التي اخترعوها، كما نقول نحن في العَنْقاء: إنه اسم بلا مسمًّى وإنه لا يوجد منها إلا اسمها، وفي الأثر في حال آخر الزمان: أنه لا يبقى من الدين إلا اسمه (٢).

ولمَّا كانوا إنما يعبدون من تلك الذوات ما هو في ظنّهم موجود، والموجود منها أسماؤها فقط، وهم مع ذلك يعلِّقون العبادة بالأسماء= قيل لهم: {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً} [يوسف: ٤٠].


(١) (ص ٦٢٥، ٦٨٧ وما بعدها).
(٢) أخرجه البيهقي في "الشعب" عن علي موقوفًا (١٩١٠)، وعنه مرفوعًا (١٩٠٨، ١٩٠٩).

<<  <   >  >>